... والخيانةُ اللبنانيّةُ العظمى ما هو عقابُها؟
13-03-2021 | 00:00
المصدر: النهار
"لتخفّف عن نفسكَ، كنْ صادقًا"، يقول شكسبير في مسرحيته العظيمة، "هاملت". وأنا أحاول عن أخفّف عن نفسي بكتابة الصدق الحارق، لكنْ من دون جدوى. فها هو الصدق يلاحقني في ليلي ونهاري، وأنا أعيش تردّدات الحالة اللبنانيّة الخطيرة، فأستعين بشكسبير مقتبسًا من مسرحيّته نفسها، لأقول إنّ ثمّة "روائح نتنة"، ليس في الدانمارك بل في الجوّ اللبنانيّ، وهي "روائح" لا تبشّر بالخير، بل تنذر بالشؤم، فأجدني أصرخ بالثلاث، منبّهًا ومحذّرًا: أنا خائفٌ على لبنان. أنا خائفٌ على لبنان. أنا خائفٌ على لبنان. وبعد، سأفترض أنّ الأزمة لن تنفرج في القريب. ومَن يدري، فقد لا تنفرج إلّا بعد خراب الجمهوريّة وزوال الكيان. وسأفترض أنّ الدولار آخذٌ في الارتفاع التصاعديّ خلال الأيّام المقبلة، ولن يتوقّف عند حدٍّ معقول، وأنّ سعر صرفه مقابل الليرة اللبنانيّة سيتجاوز المبلغ المرقوم، بألف، بألفين، بثلاثة، بأربعة، وإلى آخره. وسأفترض، تاليًا، ومنطقيًّا، أنّ أسعار المواد الغذائيّة، وأسعار السلع الأساسيّة الأخرى، سترتفع بشكلٍ متوازٍ تقريبًا مع ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبيّة. كما سأفترض، استنتاجًا، وبالمنطق نفسه، أن رواتب الناس ستتراجع قيمتها الشرائيّة تراجعًا مأسويًّا وكارثيًّا، بما يتلاءم انحداريًّا وعكسيًّا مع تصاعد جنون البورصة. ومن المنطقيّ، أنْ أفترض، في ضوء الافتراضات السابقة، أنّ الجوع سيفتك بالناس فتكًا ذريعًا، وأنّ فئةً كبيرةً من اللبنانيّين لن يكون في وسعها الحصول على الرغيف. وأنا أسمّي الرغيف باعتباره يحمل دلالةً رمزيّة، من شأن المساومة عليه، أو التهديد به، ابتزازًا وترهيبًا وترغيبًا وتطويعًا وتركيعًا، أنْ يؤدي إلى ما لا يمكن افتراضه...

ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟
تسجيل الدخول