المسيحية والصليب

بين المسيحيّة والصليب علاقة كيانيّة. فالصليب هو علامة المسيحيّة، لأنّ الذي صُلِب عليه هو المسيح ابن الله، الذي بذل ذاته حتى الموت، موت الصليب، شهادة للحقّ، كما قال لبيلاطس: "إنّي لهذا وُلِدتُ، ولهذا جئتُ إلى العالم: أن أشهدَ للحقّ" (يوحنّا 37:18)، ودليلاً على محبته للبشر. إذ "ليس لأحد حبٌّ أعظم من أن يبذِلَ نفسَه عن أحبّائه" (يوحنّا 13:15).  وهو في الوقت عينه دليل على محبّة الله للبشر: "أجل، لقد أحبّ الله العالم حتّى إنّه بذل ابنَه، وحيدَه، لكي لا يهلك كلّ من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبديّة. لا، لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدينَ العالمَ بل ليخلّصَ به العالم" (يوحنا 16:3-17). فالصليب الذي كان عند الرومانيّين أفظع آلات التعذيب، وقد حفظوه للعبيد وللمجرمين الكبار، أصبح في المسيحيّة علامة الخلاص، لأنّه به ظهر مجد الله، أي إنّ الله ظهر على حقيقته أنّه "المحبّة" المطلقة. "فالله محبّة" (1 يوحنّا 16:4)، وكيانُه ليس إلاّ محبّة. وهذه المحبّة هي عينها الحياة الإلهيّة التي تجلّت بكلّ مجدها بقيامة يسوع من بين الأموات التي تلت...