الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

يجب أنْ "ندعم" المسؤولين، كيف!؟

عقل العويط
عقل العويط
لوحة لمنصور الهبر.
لوحة لمنصور الهبر.
A+ A-
راج في الأيّام الأخيرة استخدام كلمة "الدعم"، صعودًا ونزولًا، شمالًا ويمينًا. من مثل رفع الدعم عن بعض الموادّ الغذائيّة والأوّليّة الأساسيّة، أو إبقاء الدعم على بعضها الآخر. وإلى آخره. 
في لحظةٍ من لحظات السذاجة السياسيّة، توهّمتُ أنّ كبار المسؤولين في السلطة، وأركان الطبقة السياسيّة الحاكمة، سيعمدون إلى "دعم" مواطنيهم، بالإفراج عن ودائعهم ومستحقّاتهم، أو بـ"التنازل" عمّا راكموه خلال وجودهم المباشر (أو بالواسطة) في السلطة من ثرواتٍ هي حقٌّ حصريٌّ للناس الذين يأكلون خبزهم ممزوجًا بعرق الجبين.
هذه سذاجةٌ ما بعدها سذاجة، في لحظة وهمٍ افتراضيٍّ يائس!
لا أخفي أنّ استخدام كلمة "الدعم"، يفتح الشهيّة، أو يثير الغيظ، أو يؤجّج الاستفزاز، في غمرة ما يدعمنا به الحكمُ والحاكم والعهدُ والسلطةُ والحزبُ والحكومةُ والحركةُ والتيّارُ، وقادة "هؤلاء"، ووزراؤهم، ونوّابهم، وزوجاتهم، وأولادهم، وأصهرتهم، وأقرباؤهم، وأزلامهم، ومريدوهم، من فنون مصّ الدماء والقهر والاحتقار والاسترخاص، حدَّ اشتهاء الموت للخلاص منهم.
لن أميل إلى الإعراب عن مشاعر الغيظ، ولا عن مشاعر الاستفزاز، اللذين قد تثيرهما كلمة "الدعم". سأكتفي بالشهيّة، لأنّ "الدعم" يفتح الشهيّة على ولائم الضحك الأصفر، على ولائم السخرية اللئيمة، على ولائم القهقهة الهجائيّة المزدرية، ولِمَ لا ولائم الزعرنة، بالإضافة إلى كلّ ما يخطر في بال شخصٍ يعاني الأمرّين، بل المرارات كلّها، وعلى كلّ المستويات، من العيش تحت سقف هذه السلطة السياسيّة المجرمة.
يحلو لي أنْ "أشتهي" – بدل رفع الدعم الرسميّ والحكوميّ عن أسباب العيش والحياة الجوهريّة لدى فئاتٍ كبيرةٍ من اللبنانيّات واللبنانيّين؛ من مثل ضوء الأمل، ونسمة الهواء، ونقطة الماء، ورغيف الخبز، وحبّة الدواء، وليتر المازوت والبنزين - أنْ يرفع الناسُ "المعنيّون" (هل أسمّيهم مازوشيّين أو ساديّين أو مجرمين أو قَتَلَة أنفسهم وأنفس غيرهم؟!)، الدعمَ عن رئيس الجمهوريّة، عن رئيس الحكومة المستقيل، عن رئيس الحكومة المكلّف، عن حاكم مصرف لبنان، عن حكّام المصارف، عن رئيس مجلس النوّاب، رئيس حركة "أمل"، عن الأمين العام لـ"حزب الله"، عن رئيس "الحزب التقدميّ الاشتراكيّ"، عن رئيس "حزب القوّات اللبنانيّة"، عن رئيس "التيّار الوطنيّ الحرّ"، وعن الرؤساء الآخرين (رؤساء الأحزاب والتيارات والميليشيات)، ومَن لفّ لفّهم، ومن دون استثناء.
ترى، أما كان رفع الدعم هذا، عن هؤلاء، كلّ هؤلاء، يعود بالفائدة على الجمهوريّة كلّها، وعلى "شعوبها" (شكرًا للزميل سركيس نعوم على هذا التعبير)، ويفتح الباب قليلًا قليلًا على احتمالات الخير المفقود، والسعادة المسروقة، والكرامة المعفّرة بالتراب؟ 
لا أرغب في استدراج هذا المقال "الداعم"، إلى أرض الكتابة الجدّيّة، ولا المتشائمة. 
أريد فقط أنْ أسخر، أنْ أقهقه، أنْ "أتلأمن"، وأنْ – يا ليت - أخترع طريقةً استثنائيّة، غير متداولة، وغير مسبوقة، لـ"دعم" هؤلاء الذين "يدعموننا" بالموت اليوميّ، لـ"دعمهم" حبّيًّا، وبالرضا، ومن دون عنف، ومن غير شرٍّ على قلوبهم، بنومٍ أبديٍّ لا يقومون منه، ولا يرون فيه صباحًا بعد ليل. 
يجب أنْ "ندعم" هؤلاء المسؤولين، مهما كلّف الأمر. كيف!؟
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم