الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

المــرفـــأُ فَـــجَّـــرَنـــا

المصدر: النهار
سجعان قزي
سجعان قزي
Bookmark
تعبيرية (تصوير نبيل اسماعيل)
تعبيرية (تصوير نبيل اسماعيل)
A+ A-
 اليومَ ليس يومًا جديدًا. منذُ انفجارِ المرفأ كلُّ أيّامِ السَنةِ 4 آب. لا اسِمَ لها آخَر. لا أشهرًا ولا أسابيعَ ولا أيامًا. اكتفَت بهُنيهةِ الانفجار. كانت الهنيهةُ دهرًا. بعدَها لم تتوالَ الأيّامُ. خَجِلَت أنْ تُطِلَّ فتَنتَحرَ فوقَ جثامينِ الشهداء. سنةَ 4 آب ما عاد سكّانُ لبنانَ أربعةَ ملايينِ نسمةٍ، بل مِئتي شهيدٍ وسِتّةَ آلافِ جريحٍ. سنةَ 4 آب ما عادت مساحةُ لبنان عشْرةَ آلافٍ وأربَعَمائةٍ واثنينِ وخمسينَ كلم²، بل مدى العالم والفضاء. شَخَصت الشعوبُ نحوَنا. رأت انفجارًا وسَمِعَت دُخانًا يُرشِدُها إلى "المغارة"، حيث وُلِدَ الشهداءُ الجُدد. أتَوا جميعًا يَسجُدون أمام المرفأِ وبيروتَ والشهداءِ باستثناءِ أركانِ الدولةِ اللبنانيّةِ (أو غيرِ اللبنانيّة). سنةَ "4 آب" كان إيمانويل ماكرون رئيسَ جمهوريّةِ لبنان. وكانت حكوماتُ الدولِ العربيّةِ والأجنبيّةِ حكومةَ لبنان. وكان البطريركُ بشارة الراعي رمزَ الموقِفِ الوطنيِّ. وكان البابا فرنسيس مُحرِّكَ الديبلوماسيّةِ الدوليّةِ. يومَها برز التضامنُ بين اللبنانيّين. عَزفوا على وَترٍ كئيبٍ واحِد. كلُّ بيتٍ شَعَر أنَّ الانفجارَ في الدار. كلُّ لبنانيٍّ أحسَّ أنّه مصابٌ. بدا تبادلُ التعازي بين الناس حَرفًا زائدًا وكلمةً جوفاءَ ورديفَ صلاة. أما المسؤولون، فاعتَبروا أن تعازيَهم عَبرَ شاشاتِ التلفزيون إنجازٌ عظيمٌ يُغني عن العدالةِ والحقيقةِ وتأليفِ حكومة، وعن... رحيلِهم الآتي. قالها البطريركُ الراعي للجموعِ أمس: "حافِظوا على الوطنِ وغَيِّروا الباقي..." في الرابع من آب أصبَحت قلوبُنا صَوامعَ فيها خَزَّنا دموعَنا، وأحواضًا فيها رَسَت أحزانُنا، وسُفنًا...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم