الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

كشاهدٍ يقف على خاطر مدينته في ليلها المأسويّ والنهار

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
Bookmark
بيروت، ر. لورنس.
بيروت، ر. لورنس.
A+ A-
في هذه الأوقات الشاقّة، تعتري المدينة في ليلها والنهار، هواجسُ وأحوالٌ شتّى، هي نفسها أحوال الشاهد الذي يتماهى بها تماهيًا، أشبه ما يكون بتماهي المتصوّفين بمعشوقيهم، وتماهي الغيمة المحترقة بمطرها الموعود، وتماهي النبع المكتوم بنشوة نهره الافتراضيّ. يمتنع الشاهد في الليل عن النوم، قدْر ما يستطيع، من أجل أنْ يساهر المدينة، ويسامرها، ويخاطبها، ويتبادل معها النظرات والهمسات والأفكار، ويقف على خاطرها، ويهدّئ روعها، ويمسح الغبار عن روحها، ويغسل قدميها الباكيتين، وينده الغيوم والنجوم إلى شرفاتها البكماء، ويكتب إلى العشّاق والشعراء والروائيّين والموسيقيّين والرسّامين داعيًا إيّاهم إلى عدم تركها وحيدةً في الليل، لئلّا تحبطها العتمة، وتكسرها الوحشة، ويستولي عليها وجع القلب، ولئلّا يأتي ملاك الموت فيراها على هذه الحال، وتسوّل له نفوسه الشرّيرة أنْ يحزّ عنقها بسكّين، أو يكتم أنفاسها بيديه النتنتين، أو يرميها برصاصة. وهل ثمّة ما هو أرخص من الرصاص في المدينة المضرّجة بسماسرتها ومرتزقتها وخونتها وباعتها إلى كلّ شيطان.  (بيروت هاغوب قنطرجيان) لا يعود الشاهد قادرًا على النوم في الليل. يصير يخلد إلى قيلولاتٍ متفرّقة، قبل الظهر، بعد الظهر، وفي آخر الدغشة، كي يتمكّن من...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم