الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

سامر غانم...

المصدر: "النهار"
غسان حجار
غسان حجار @ghassanhajjar
سامر غانم.
سامر غانم.
A+ A-

الحزن على سامر غانم، الصديق، والانسان، قبل القاضي الشريف، ليس وليد الساعة، بل يعود الى نحو عامين، عندما سقط أرضاً، فاقد الوعي، من دون حراك، ولا قدرة على الكلام.

صمت منذ ذلك الحين، في آخر العام 2018. أطفأ كل محركاته، كأنما استسلم لقدره. لم يوزع ابتسامته المعهودة، ولم يجامل أحداً بكلمة حلوة، ولا أصدر حكماً، ولا حقّق عدالة.

أينها تلك العدالة الإلهية التي تسمو على كل أحكام البشر؟ سؤال ينبعث من ألم داخلي يعتصر كل رفاق سامر غانم ومحبّيه، حتى الذين عرفوه من بُعد، يفتقدونه، إذ يغيب عنهم القاضي النزيه، العادل، الرصين، الحلو المعشر، والصديق.

بعض المحطات في الحياة تقود الى فتور الإيمان، وتودي ببعضهم الى الإلحاد، خصوصاً متى وقف الانسان عاجزاً، رغم كل تضرّعاته، ورجائه، لا يفهم مسار الأحداث، ولا يتمكن من تغييرها، رغم قول السيد المسيح إن إيماناً بحجم حبة الرمل قادر على أن يزحزح الجبل. وعلى أهمية الآية، الا أنها تدفع الى يأس وإحباط، إذ لم يتمكن أحد من زحزحة جبل، رغم أعاجيب كثيرة تحصل مع مؤمنين.

أصدقاء سامر يسألون اليوم مع رحيله: لماذا هو؟ ولماذا اختيار الأبرار؟ ولماذا يموت أبرياء في انفجار المرفأ، فيما المسببون له أحياء يُرزقون، ويتنعّمون بما سرقوه ونهبوه على حساب الفقراء؟ أسئلة كثيرة تضجّ في البال، وتسكن الأعماق، وتؤرق وتؤلم.

الحزن على سامر تجدد أمس، رغم توقعات المحيطين بأنه لن يستعيد عافيته، ولن يعود الشاب الذي عرفناه، لكن وقع الموت يبقى مؤثّراً.

أمس كان يوماً حزيناً لكل من عرف سامر جيداً، إذ به يفتقد كل منا أخاً عزيزاً، لبنانياً أبياً، يلتحق بقافلة كثيرين مثله، انتقلوا من هذا اللبنان "الفاني" والذي يضيق الخناق يوماً بعد آخر على أهله، حتى صار كثيرون يتمنّون هجره، والبعض رمى بنفسه في أتون البحر سعياً للوصول الى شاطئ أمان.

سامر اليوم في أمان، ورغم الأسئلة الإيمانية والوجودية الصعبة، فأنا أكيد أنه "مع القديسين حيث لا وجع ولا حزن ولا تنهّد بل حياة لا تفنى".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم