وقف رخص البناء في بعلبك يعدم الحركة الاقتصادية

بعلبك - وسام اسماعيل

يشكل قطاع البناء في مدينة بعلبك مصدر رزق لما يزيد على 50 في المئة من اهالي المدينة، غير أنه خلال السنوات الاخيرة بات نقمة على عمال البناء اثر قرار كان اتخذه وزراء الداخلية الثلاثة المتعاقبين بدءاً من نهاية ولاية وزير الداخلية السابق مروان شربل مروراً بالوزير السابق نهاد المشنوق وصولاً إلى الوزيرة الحالية ريا الحسن بوقف منح تصاريح البناء من البلديات ليصبح المواطن البعلبكي يعيش كارثة اجتماعية غير مسبوقة، فقطاع البناء هو مورد رزق لمعظم سكان المنطقة.

هذه الأزمة المعيشية التي يعيشها الأهالي جراء قرارات لم تلحظ تداعياتها على المواطن من خلال وقف رخص البناء لا يمكن اختصارها ببضع كلمات، فالواقع مرير والأهالي يرزحون تحت أعباء الدين إثر توقف عشرات المهن المرتبطة بهذا القطاع (فمن المعروف ان قطاع البناء يشغل العديد من المهن والحرف واليد العاملة) فالحركة التجارية باتت شبه معدومة جراء تراجع القدرة الشرائية للعائلة، تالياً طول الانتظار بات يهدد بالمزيد من الديون ليفرض واقعاً مأسوياً لا مثيل له في مدينة بعلبك التي طالها القرار بوقف منح الرخص كمركز للمحافظة.

من المجحف ان يكون قرار كهذا من وزير الداخلية بتساوي كل المدن بمنع تصاريح البناء، فالعقارات المفرزة في بعلبك والهرمل لا تتعدى الخمس في المئة ناهيك بالمشاكل الكبيرة في عملية الضم والفرز للأراضي ما يسبب مشكلة أكبر في عدم إعطاء تراخيص بناء رسمية بعلبك.

من هنا أوضح النائب علي المقداد لـ "النهار"،" ان هناك ضرورة ماسة في العودة إلى اعطاء تصاريح بناء من البلديات للأراضي التي ليس عليها أي مشاكل وضمن العرف الموجود وتكون التصاريح على عاتق رئيس البلدية درءاً لأي مشاكل بين الشركاء في العقار وعلى أن تكون مساحة البناء لا تزيد على 150 متراً وهي الحاجة لسكن عائلة لأن انتقال الملكية من فلان إلى آخر في المنطقة تعترضها مشاكل عدة لكون الأرض أغلبيتها مشاع إضافة إلى الكثير من الاراضي لم يشملها الضم والفرز بعد وغالبية الأراضي في البقاع مصنفة بالزراعية.

ليؤكد ان كل تلك الأسباب هي أسباب موجبة لكي يكون هناك قرار استثنائي من وزيرة الداخلية لمنطقة بعلبك - الهرمل وربط كل المناطق في لبنان بعضها ببعض. إن اتخاذ قرارات كهذه أمر فيه استحالة، فأغلب المناطق في لبنان مصنفة صناعيا فيما بعلبك - الهرمل مصنفة زراعياً، من هنا الحاجة الماسة لقرار يصدر اليوم قبل الغد من وزيرة الداخلية والبلديات بالعودة إلى منح الرخص للبلديات كما كان يحصل سابقا بشرط ضبطها من وزارة الداخلية.

ولفت الى ان انعكاس توقف حركة البناء تؤثر على أكثر من 60 مهنة في المنطقة، فقلة من يمكنها الاستحصال على تراخيص بناء من التنظيم المدني في المنطقة، معتبراً ان مثل قرارات كهذه تشل البلد اقتصادياً من خلال توقف ما يزيد على 40 مهنة وقطاعاً منتجاً عن العمل. الدولة، إذاً، تساهم في أن يكون الخروج عن القانون أمر سهل، فقرارات كهذه تعطي فرصة للمواطن بالخروج عن القانون بعد قطع لقمة العيش.

ويرى المقداد إنه لا يمكن" الانتظار ان يكون هناك تصنيف جديد للمنطقة غير التصنيف الزراعي حيث يحتاج قرار كهذا إلى عشرات السنين، لذلك اسرعنا كتكتل نواب بعلبك - الهرمل الى تحضير اقتراح قانون معجل مكرر بالسماح وبالاجازة للبلديات بإعطاء تصاريح بناء بمساحة لا تزيد على 150 مترا لما للأمر من أهمية وسنعمد على رفعه لمجلس النواب في أقرب جلسة.

عضو نقابة عمال البناء حسن كسر اطلق صرخة بوجه كل المسؤولين بالعمل سريعا على تنظيم وإعادة تصاريح البناء للبلديات، فحال اكثر من 60 في المئة من اهالي المدينة العاملين في هذا القطاع بات كارثياً، لوقوعهم في العوز وتحت رحمة الديون ما دفع كثيرين ممن يعتاشون من هذا القطاع إما بيع الكثير من المواد الأولية التي تستخدم في عمل البناء وإما رهن أملاكهم ومحالهم التجارية بعدما شلت تداعيات القرار قطاعهم فضاقت بهم السبل، وأصبحوا كمن يتوسل لقمة العيش لهم ولعيالهم وهذا لا يخفى على أحد فيما البعض فضل الخروج من المدينة إلى قرى مجاورة وليتملكوا فيها كذلك نقلهم مصالحهم اليها حيث يمكنهم الحصول على تصاريح بناء بعدما نفد صبرهم كل ذلك رفع من سوء الحال الاقتصادية والاجتماعية داخل المدينة فعندما نتكلم عن مشكلة اجتماعية فليس فقط عامل البناء بل النجار والحداد وتمديدات الادوات الصحية والكهرباء وغيرهم ومن ورائهم أصحاب المؤسسات الاستهلاكية والغذائية".

ولفت الى "عدم استجابة المعنيين بالرغم من رفع الصوت أمام الجميع ولا بد من حل جذري لهذه المعضلة من خلال مشروع قانون يخرج الأمر من حيز التجاوزات بدل أن يتحكم كل وزير يأتي برقاب الناس كما يحلو له".

ويرى كسر أن "طرح وزير الأشغال يوسف فينيانوس هو الأمثل من خلال إعطاء أمر للتنظيم المدني بترخيص الحصص الشائعة في العقار مع موافقة الشركاء وهو ما تبناه التنظيم المدني".

واكد انه "خلال الأيام المقبلة سيكون هنالك تحركات جديدة باتجاه المعنيين من بينهم وزيرة الداخلية لرفع أوجاع العمال ومطالب الاهالي لها".