الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

قرى وعائلات توارثت الأدب في البقاع الغربي جب جنين حملت لواء الشعر بعد مشغرة

ج. ب.
A+ A-

يبحث "كتاب شعراء من البقاع الغربي"، لمروان محمد درويش، في تاريخ المنطقة خلال القرون الخمسة الماضية، مستخرجاً من مخطوطاتها وتراثها المكتوب احصاء للاسماء الشاعرية في المنطقة "الغالبية العظمى منها".


يقول المؤلف إن الاسماء الواردة في هذا الكتاب وما تملك، مجهولة بمعظمها في الأوساط الأدبية والشعبية في مجتمعنا، وان ما تكبدته من عناء وجهد استمر سنوات، وحري بالسلطات المحلية والثقافية ان تقوم به، وان تفرد حيزاً لكل من هذه الاسماء بابراز ما لديه الى النور وإماطة الركام عن النفائس المجهولة، وربما المفقودة، لأن مهمة كهذه باهظة الجهد على الافراد، ولأن هذه المنطقة جديرة بالمحافظة على إرثها التراثي والثقافي.
وهو ينتقد بعض الشخصيات التي كشف عنها اذ لمس لديها نزعة وانحرافاً الى تصنيف طائفي او مذهبي او مناطقي.
ويضيف المؤلف انه "عثر ما بين القرنين السادس عشر والعشرين على سبعة رجال ينتمون الى مدرستين ادبيتين كانتا السبب في تدوين اسمائهم على اللائحة الادبية. وان ثمة آخرين لم يذكرهم التاريخ لعدم انتسابهم الى أي من هاتين المدرستين: المشغرية والشامية.
كانت مشغرة البلدة الوحيدة من قرى البقاع الغربي التي احتضنت في القرون السالفة نهضة عملية وأدبية، ومن مدرستها تخرج عشرات الأدباء والعلماء والشعراء... واستمرت حتى سبعينات القرن السابع عشر حين شهدت انتكاسة أدت الى هجرة طلابها لأسباب سياسية وأمنية.
عرف من شعراء تلك المرحلة واحد من عائلة محمود وثلاثة من عائلة الحر.
أنشئت في لبنان المدارس الدينية، فحفظت تراث المجلّين فيها، لكن نتاج منطقة البقاع الغربي بقي ضئيلاً مقارنة بما انتجته مناطق لبنانية أخرى. ويعزو السبب الى حالة انعدام الهدوء والاستقرار السياسي في المنطقة خلال اكثر من أربعة قرون سبقت القرن العشرين، والى النظام الاقطاعي الذي كان مسيطراً منذ بداية القرن الخامس عشر وحتى عام 1860 عندما انتزعت المنطقة من السيطرة الجنبلاطية. والحالة السائدة حرمت البقاع الغربي من المدارس. فضلاً عن ان قرب المنطقة من دمشق دفع بأبنائها اليها لطلب العلم، فبرز منهم كثيرون انتسبوا الى المدرسة الدمشقية او الشامية.
بعض العائلات احتكر الشعر. فمن بين شعراء بلدة جب جنين التسعة نرى خمسة اسماء من عائلة واحدة هي شمس الدين. وفي بلدة سحمر انتقلت من الجد الى الحفيدات، فنرى ثلاثة من عائلة الخشن، من دون باقي عائلاتها، فيبرز الدور العائلي وتأثيره في التنشئة الفكرية والسلوكية للافراد. ولعل الجمالية الأكثر اشراقاً في هذا المصنّف وجود "كوتا" نسائية راقية جداً ورفيعة المستوى وذات ألق فكري متوهج هي الصفوة والحلم والطموح لما نتمنى ان تحذوه وترقى اليه النساء في مجتمعنا" كما كتب المؤلف.
نالت بلدة جب جنين الحصة الكبرى من تدوين اسماء تسعة من ابنائها الشعراء، أي الربع من هذا الكتاب، في حين ان بعض القرى لم تنل نصيباً ولو بشاعر واحد. ولعل السبب انها بموقعها الجغرافي والاداري قد شهدت خلال القرن الماضي نهضة علمية رائدة لم تبلغ شأوها ولم تدركها اي من القرى الاخرى، بل كانت أيضاً قبلة لأبناء هذه القرى الراغبين في التحصيل العلمي، اضافة الى اندفاع ابنائها وانفتاحهم على الآفاق والمجالات العلمية والثقافية والوظيفية. و"كأنني بجب جنين انبعثت بها النهضة العلمية التي كانت عليها بلدة مشغرة ما قبل القرن الثامن عشر للميلاد".
ولئلا تذهب اشعار شعراء المنطقة ومؤلفاتهم شزرا "سعيت في تسقط اخبارهم جهدي في احصاء ما أمكن من اسمائهم وأحوالهم ومؤلفاتهم المتفرقة والمنضوية في غياهب النسيان وأدراج الاهمال" وجمع منها ما لم يجتمع في كتاب واطلق اسماء منسية حتى من أبناء منبتها، واوردها تباعاً بحسب تسلسل تاريخ الولادة لكل منها.


¶ 520 صفحة، الدار العربية للعلوم ناشرون

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم