السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

"امرأة إسبانيّة" خدعت كثيرين: "ولَدت طفلاً داكن البشرة"، والسبب "إدمان الزوج على القهوة"!

هالة حمصي
هالة حمصي
"امرأة إسبانيّة" خدعت كثيرين: "ولَدت طفلاً داكن البشرة"، والسبب "إدمان الزوج على القهوة"!
"امرأة إسبانيّة" خدعت كثيرين: "ولَدت طفلاً داكن البشرة"، والسبب "إدمان الزوج على القهوة"!
A+ A-

الفخ خبر. في الايام الماضية، وقعت فيه مواقع اخبارية عربية معروفة ومستخدمون عرب ولبنانيون صدّقوا الرواية. "امرأة اسبانية تلد طفلا داكن البشرة، وتقنع زوجها بأن إدمانه على القهوة هو السبب". والتفاصيل من شأنها الاقناع. ولكن ما بدأ "من اسبانيا" في ك2 2018 كـ"خبر خيالي"، بإعلان واضح من الموقع الترفيهي ناشره، انتشر اخيرا في المنطقة العربية كخبر حقيقي خصصت له مواقع اخبارية عدة فسحة، بعدما حقق خبطة في اول السنة بين مستخدمين في الولايات المتحدة، بعد "تعديل" مكان وقائعه.

الضحايا كثر... من اسبانيا الى الولايات المتحدة، مرورا بإفريقيا وفرنسا، وصولا الى المنطقة العربية ولبنان. خبر "المرأة الاسبانية" خلّف وراءه آثارا واضحة. ما حقيقته؟ من يقف وراءه؟ ماذا حصل بين اسبانيا والولايات المتحدة؟ وهناك كندا ايضا! ماذا عن صورة طفل اسمر ارفقتها خصوصا مواقع اخبارية وحسابات عربية بالخبر؟ وماذا يقول لـ"النهار" المصور الكندي الذي التقطها؟

"النّهار" دقّقت وسألت من أجلكم

الوقائع: كل عناصر الدراما والتشويق تتكامل في الخبر. "امرأة اسبانية تلد طفلا داكن البشرة، وتقنع زوجها بأن إدمانه على القهوة هو السبب"، وفقا للزعم. "نزاع غريب" يشهده "مستشفى جامعة فالنسيا بإسبانيا"، وفقا للرواية المزعومة. وهنا تفاصيلها كما وردت:

منذ 24 آذار 2019، أبرزت مواقع اخبارية عربية عدة الخبر، في وقت تناقلته مواقع وصفحات وحسابات لبنانية وعربية بكثافة، ولا يزال قيد التشارك فيه. وقد أُرفِق في عدد كبير من الحسابات والصفحات بصورة محددة لطفل حديث الولادة اسمر، جميل.

التدقيق:

-وفقا للخبر المنشور بالعربية، فإن موقع oyant.com هو مصدره. نزور Oyant، ويتبين انه نشره بالفرنسية بعنوان: Une femme donne naissance à un enfant noir et accuse son mari d'avoir trop bu de café الموقع يعرّف عن نفسه بانه "موقع مجتمعي للمساعدة. اطرحوا اسئلتكم على خبرائنا الاعضاء". ويفيد ان "موقع Ziwit المتخصص بأمن الفضاء الالكنروني هو ناشره". المقر في "مونبولييه بفرنسا".

ملاحظة يدرجها ضمن ميثاق عمله: "رغم أن المنشورات والخدمات الأخرى في Oyant تستند إلى عمليات تحقق محدثة، ورغم أن الفريق يبذل جهودًا للتأكد من أن المحتوى على الموقع دقيق ومتسق مع الموقع، الا ان Oyant لا يضمن دقة هذه العناصر. كل المحتويات في الموقع تؤمَّن لكم "كما هي"، من دون أي ضمان". اول اشارة حمراء: عدم ضمان الموقع دقة الاخبار التي ينشرها.

-هيا الى اسبانيا، بما ان الواقعة شهدها احد مستشفياتها، وفقا للزعم. بحثا عن الخبر بالاسبانية، نجده. 27 كانون الثاني 2018، نشره موقع Hay Noticia.com الاسباني بعنوان:

Da a luz a un niño negro y echa la culpa al café que toma el marido

الموقع يعلن بخط اسود عريض، اعلى صفحته الرئيسية، ان اخباره ليست حقيقية، لكنها مضحكة جدا- 

No Son Reales Pero si Divertidas.

في 12 نيسان 2018، اعاد موقعه بالانكليزية There is News.com نشره بالكامل. اعلى الصفحة، يذكّر بدوره بخط عريض اسود: Not real, But so Funny (غير حقيقي، ولكن مضحك جدا). كذلك، يعيد التنبيه، في آخر الخبر، ان "محتوى الموقع خيالي".

الموقع يعرّف بنفسه بوضوح انه "للفكاهة، ويهدف الى الترفيه. المحتوى خيال، ولا يتوافق مع الواقع".

-يبين البحث انه عندما نشر موقع Oyant الخبر ذاته بالفرنسية، في 8 آذار 2019، لم يذكر مصدره، ولم يشر ايضا الى ان الخبر خيالي، كما فعل الموقع الاسباني مصدره الرئيسي. خلال ايام قليلة، نقلت خصوصا مواقع افريقية الخبر عن Oyant.

-مفاجأة غير متوقعة كانت في الانتظار. خلال ملاحقة خيوط الخبر في إفريقيا، يصل البحث الى موقع 24hCongo الكونغولي ليتبين انه نشر الخبر ذاته بالفرنسية (7 شباط 2019)، لكن مع تغيير مكان وقائعه: مستشفى "ادفوكايت شيرمان" في إلجين (ولاية الينوي الاميركية)، بدلا من "مستشفى جامعة فالنسيا بإسبانيا".

-نواصل البحث، والخيط يقود هذه المرة الى الولايات المتحدة، بحيث يتبين ان الخبر ذاته انتشر بالانكليزية ابتداء من كانون الثاني 2019، مع زعم ان الامر يتعلق بـ"امرأة بيضاء في إلجين" بولاية الينوي. العنوان:

"Elgin, IL: White woman gives birth to a black child and blames the coffee her husband drinks"

المقالة نشرها موقع us-daily.news في 7 ك2 2019، وتناقلها عنه مستخدمون عديدون. 

[[embed source=instagram id=https://www.instagram.com/p/Bt1Ia8oASXa]]

نقصد الموقع، غير انه "لا يمكن الوصول اليه" حاليا، وفقا لـ"غوغل". الموقع ليس ناشطا. ايا يكن، فقد سبق ان حذّر موقع "Hoax-Alert" الذي يدقق في الاخبار والصور، من ان هذا الخبر المتناقل كاذب، "أكان حصل في إلجين، ام في اي مكان آخر في العالم".

في سياق مقالة نشرها في 7 كانون الثاني 2019، يذكر Hoax-Alert ان موقع us-daily.news يعرّف بنفسه انه "الموقع الثاني الاكثر شهرة في العالم للترفيه الساخر". ويلفت الى ان "هذا الموقع يشكل جزءًا من شبكة أكبر من المواقع التي تم تصميمها جميعها لتبدو أنها مواقع إخبارية لنشر اخبار حقيقية وعلامات تجارية ترفيهية اميركية"، مشيرا الى ان "خبر المرأة في إلجين سبق ان وضعه موقع BuzzFeed News في لائحة الاخبار الخادعة الاكثر انتشارا عام 2018".

ديزموند

-عودة الى المنطقة العربية، لنتوقف عند صورة محددة لطفل اسمر أبرزتها مواقع وصفحات عربية (اعلاه). بحثا عنها، نجدها على الموقع الالكتروني للمصور الفوتوغرافي المتخصص بحفلات الزفاف ياني ماكيوت Yani Macute، وهو كندي الجنسية، ويعيش في تورنتو. الطفل اسمه ديزموند Desmond، على ما يذكر في اعلى صفحة خصصها لهذا الطفل الاسمر الجميل. وقد عنونها:

Newborn black baby photoshoot: Desmond (اي جلسة تصوير طفل أسمر حديث الولادة: ديزموند).

تاريخ النشر: 17 ايلول 2017. في التفاصيل، "انها المرة الأولى التي أصوّر طفلا حديث الولادة"، على ما يكتب ماكيوت. "لأكون صادقًا، كنت أفكر في ما إذا كان ينبغي عليّ قبول وظيفة التصوير الفوتوغرافي هذه، فقط لأنه لم تكن لدي قبلها أي خبرة سابقة في تصوير الأطفال. لكنّ إلسي صديقة، واعتقدت أن بإمكاني القيام بذلك، مما دفعني إلى تحدي نفسي... كانت هذه بالتأكيد عملية تعلّم، وهناك العديد من الأشياء التي سأفعلها في شكل مختلف في جلسة التصوير المقبلة لطفل حديث الولادة". ونشر ماكيوت على هذه الصفحة 12 صورة لديزموند، بوضعيات مختلفة، بينها الصورة المتناقلة مع خبر المرأة الاسبانية.

في اتصال اجرته "النهار" بماكيوت، يعبّر المصور الكندي عن قلقه تجاه "استغلال صورة ديزموند وهويته بهذه الطريقة امام الرأي العام، واستخدامها في خبر كاذب". وقال: "لا علاقة لصورة ديزموند بهذه القصة الكاذبة التي انتشرت على نطاق واسع. إنه طفل لوالدين إفريقيين كنديين". ويرى ان ربط الصورة بالخبر الكاذب "امر خاطىء بالتأكيد، ولا حقيقة وراء ذلك. اجدد التأكيد ان لا علاقة للطفل ديزموند بهذا الخبر الزائف".

النتيجة: خبر المرأة الاسبانية خيالي، لا صحة له، وذلك بإعلان صريح من موقع اسباني وراء فبركته، لكونه ترفيهيا. بعد نشر الخبر اولا بالاسبانية في كانون الثاني 2018، ترجم الى الانكليزية، ثم الى الفرنسية، وربما الى لغات اخرى ايضا، قبل ان يصل الى المنطقة العربية ولبنان. وقد حقّق ايضا خبطة في الولايات المتحدة في بداية 2019، بعد تعديل مكانه: إلجين بولاية الينوي الاميركية، بدلا من فالنسيا بإسبانيا.

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم