(1:45 ـ أنا الوجه الآخر للوجود)

جيسيكا بيطار

- "ها هي الضبابيّة تتسكّع بدمي مجدداً. أستطعم العدم ريثما يلهو الموت إلى جانبي، بعدما كنت منذ هنيهة أتلذّذ بسقوط الشهب في فمي كأقواس القزح. أوازي في أحسن أحوالي سخافة طحلب برّي فوق الصخور. أشعر بالانكماش، بالانقباض، لكأنّ جدران هذه الغرفة تتسارع لضمّي، بـ"لا انتماءٍ" مَرَضِيٍّ وكأنّي لُقّمت رصاصة لأندلع ثورةَ انفكاك. كلّ ما حولي يثير فيَّ السخط والاشمئزاز، كل ما حولي تقعير فارغ المحتوى.

أحمل السّكرات التي يتقاذفها الموت لعباً قلادةَ هواجس. حول قلبي إكليل زنابق مُسبق التحضير. وقع الدينونة خلف أذني، تهمسُ لي: "فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ" . أصرخ سأفرّ من نفسي. أقرأ "عَرِّفْنِي يَا رَبُّ نِهَايَتِي وَمِقْدَارَ أَيَّامِي كَمْ هِيَ، فَأَعْلَمَ كَيْفَ أَنَا زَائِلٌ". الكيفيّة تُعييني. الكيفيّة تعييني أكثر من هول الوقوف امام الله".

- "عَزِيزٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ مَوْتُ أَتْقِيَائِهِ"

- "وما أدراك أنّني منهم؟ لا أنفكّ عن رؤية الدماء فوق مسام جلدي. إن ّ الخيال وثنيٌّ يا صديقي وجسدي الضريح".

- "أتعلمين أنّك حالة نادرة من القلق الوجودي؟ عليك أن تفهمي أن ّ للخيال ضريبة. كلّما ازداد منسوبه، علا منسوب القلق، و كلّما ازددت منك اقتراباً، علا منسوب التوتر. مع أنّك تَعِينَ تماماً أنّ استقامتك الوحيدة هي انعطاف رأسك على صدري. أنت العود بين أحضاني، وأهدابك الأوتار. دعيني فقط أمسح تلك النوتة المتسرّبة عن خدّك".

- "عليك أن تلتزم الصّمت كيلا تكفكِفَ عوضاً عن النوتة، السّلم الموسيقي بأكمله. لا أعلم لمَ تتحيّن فرصَ وهَني!".

- " وإن لم تخلعي عنك الصبّار، تبقين قابلة للاحتواء"