عضو مصلحة الشباب في "تيار المستقبل" يفارق الحياة... علي وحيد والديه رحل بحادث مروّع

علي سعد ميتا هو الضحية الجديدة التي سجلت اسمها على لائحة الموت على طرق لبنان، بعد أن لفظ أنفاسه متأثراً بإصابته نتيجة #حادث_سير مروّع تعرض له على طريق تعنايل. قاوم وحيد والديه عشرة أيام قبل أن يستسلم للموت، ليرحل تاركاً حسرة وغصة وألماً في قلب كل من عرفه.

اصطدام كارثي

"كان علي (وهو عضو في مصلحة الشباب في "تيار المستقبل" وفي جمعية كشافة لبنان المستقبل - فوج بر الياس) يقود سيارة جيب مرسيدس متوجهاً إلى شتورة لإيصال صديقه، عندما اصطدم بشاحنة مركونة على الطريق. الضربة أتت على رأسه، أما صديقه فأصيب بكسر في يده، نقل علي إلى مستشفى تعنايل، بقي في غيبوبة إلى أن سلّم الروح يوم السبت الماضي"، وفق ما قاله صديقه وجاره أمير أبو عديلة لـ"النهار". في حين نعت عائلة ميتا وعموم عائلات برالياس علي الذي توفي كما جاء في بيان "متأثراً بجراحه الذي أصيب بها إثر حادث سير تعرض له منذ ما يزيد على عشرة أيام على طريق تعنايل الدولية، بعد أن اصطدمت شاحنة بسيارة جيب مرسيدس يقودها الفقيد علي سعد ميتا، تلاها تدهور السيارة واصطدامها بشاحنة أخرى كانت مركونة إلى جانب الطريق".

خسارة لا تعوّض

"خسرنا طالب سنة ثانية بيولوجي في الجامعة اللبنانية، الشاب الهادئ، المجتهد والمقدام، الذي أبكى برحيله كل من عرفه"، قال أبو عديلة. مضيفاً: "لا كلمات تعبّر عن حال والد الضحية رئيس بلدية برالياس السابق ووالدته الدكتورة نسرين، وكلاهما من الفاعلين في تيار المستقبل". لافتاً إلى أنه "في الأمس زُفّ ابن التسعة عشر ربيعاً عريساً في مأتم مهيب، الآلاف تدفقوا إلى بلدته ومنزل عائلته لوداعه، وكأنه كتب على برالياس أن تخسر سنوياً أحد أبنائها على طرق الموت في البقاع. كفانا مآسي وكوارث، فلتتحرك الدولة وتعمل على وضع حد للأسباب التي قد تؤدي إلى حوادث سير من خلال ردم الحفر ووضع إشارات مرور وفواصل اسمنتية وتزفيت الطرق. وبغض النظر إن كان الحادث الذي حصل مع علي خلال النهار، لكن حوادث عدة تقع خلال الليل بسبب غياب الإنارة. لهذا يجب الإسراع في اتخاذ الخطوات التي من شأنها أن تحد من خسارتنا أرواحاً غالية على قلوبنا".

حزن عميق

أصدقاء وأقارب علي نعوه بمنشورات عبّرت عن الحزن العميق على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك". منهم من كتب: "لا تنوحي عليّ يا أمي.. فأنا صاعد حيث يسكن الأبرار، حيث نقاوتهم تشبه نقاوة قلبك وطيبة حنانك، لا تنوحي عليّ يا أمي، يا "أم علي"، فأنا "علي" ابنك الوحيد، مَن ربيّته بالإيمان والمحبة والرجاء، وبالإيمان رحلت، لا تنوحي عليّ يا أمي، فرسالتي هنا، بينكم على الأرض، قد أتممتها، وها إن واهبَ النعمة قد استرجعها. لا تحزني، فأنا "علي المؤمن"، المستعد دوماً للقاء واهب الحياة. هكذا علّمتِني، وهكذا أنا، افرحي يا أمي، فإن عرسي صار في السماء مع الملائكة، افرحي يا أمي، يا نسرين يا "أم علي"، فأنا أراكِ كلَّ حين، جففي دمعك، فالدموع لا تسكن عيون المؤمن، "بْخاطرك يا أم علي".

في حين كتبت صديقته لارا: "علي يا بسمة، كنتَ من البراعم المتوقّدة بحب الحياة، متفائلاً يحب الخير، كنتَ تتمنى دوماً أن تعيش حياة زاخرة بالأفراح والمسرّات بين أهلك ومحبيك، لم تفارق الابتسامة محياك. أما الطيبة التي كان ينطوي عليها قلبك المحبّ، فإنها كانت أحلى سماتك، فكل ما بقي من نقاء روحك أغزر ذرف الدمع لدينا. الآن، نفتقدُ ابتسامتك الخجلة، وفقدانك ليس إلا خسارة لنا جميعاً ستبقى آثارها في قلوبنا بليغة لا تندمل. وداعاً أيها المتفائل بحب الحياة. وداعاً أيها المتواصل في العطاء، وداعاً أيها البرعم اليانع، وداعاً وأنت المغادر جسداً، وأنتَ الحي روحاً بيننا".

ملف السلامة المرورية

دفع علي حياته ثمن حادث مروّع، انطفأت شمعته في عزّ توهّجها، رحل وهو في بداية مشواره في الحياة، كآلاف اللبنانيين الذين لفظوا أنفاسهم نتيجة حوادث السير، واللائحة ستطول إن لم يتمّ الاهتمام بملف السلامة المرورية. فقبل نحو أربع سنوات دخل قانون السير الجديد حيّز التطبيق، من دون أن يغيّر، كما قال خبير السلامة المرورية كامل ابرهيم، "شيئاً ملموساً على أرض الواقع". وشرح أن "المشكلة الأساسية أنه تمّ وضع قانون سير من دون العمل على الإصلاحات الأساسية. فقد طبّق القانون على الغرامات المرتفعة في غياب خطة، الأمر الذي أدى إلى انخفاض عدد الحوادث في فترات وارتفاعه في فترات أخرى". وأضاف: "من الطبيعي في بلد تنتفي فيه الخطط والرؤية الاستراتيجية أن نشهد حوادث مميتة، وللحدّ منها يجب العمل على محورين أساسيين، أولهما صيانة وتأمين الحماية ورفع مستوى الأمان على الطريق، والمحور الثاني تطبيق القانون"، لافتاً إلى أنه "في كل دول العالم هناك مسؤولية كبيرة على الإنسان، لكن المقاربة الجديدة لمعالجة مشكلة حوادث السير تفرض وجود مسؤولية تشاركية بين الدولة والمواطن، فمن واجبات الدولة تجهيز الطرق وتأمين كل وسائل الأمان من رؤية واضحة وإنارة وطريق متسامحة أي لا تعاني من خلل يؤدي إلى حوادث مميتة، وفي الوقت ذاته فرض هيبة القانون من خلال خطط علمية".

اهتمام جدّي

حتى الآن لم تولِ، كما قال ابرهيم "الحكومات المتعاقبة أهمية لملف السلامة المرورية، الذي يحتاج إلى إرادة سياسية، لكن مع وزيرة الداخلية #ريا_الحسن نلمس اهتماماً جدّياً منذ وصولها إلى الآن، ليس فقط من خلال التغريدات والتصريحات والاجتماعات التي تعقدها، بل من خلال خطط قصيرة، متوسطة وطويلة الأمد تعمل على وضعها، منها تطوير منح رخص القيادة وتحويل مكاتب تعليم القيادة إلى مدارس، وتطبيق القانون، وحضّ البلديات على تعزيز السلامة المرورية ضمن النطاق البلدي. إضافة إلى ذلك لوزارة الأشغال دور كبير في رفع مستوى الأمان على الطرق وزيادة اللافتات المرورية وتعزيز مستوى الرؤية وإزالة عوامل الخطر، عندها فقط ينخفض عدد الحوادث".