الأولويات تتزاحم أمام الحقبة الأخطر

لن تتضح الروزنامة الحكومية والرسمية المتوقعة للأسبوع المقبل قبل مطلع الاسبوع في انتظار تحديد موعد الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء وجدول أعمالها الذي يرجح او يفترض ان يحتوي على بنود بارزة وحيوية وتحمل صفة العجلة الاستثنائية ولا سيما منها موازنة 2019 المعدلة وخطة الكهرباء بالاضافة الى بت تعيينات نواب حاكم مصرف لبنان الاربعة المنتهية صلاحياتهم منذ نهاية الاسبوع.

ووسط غياب الحركة الداخلية وتوجه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى تونس للمشاركة في القمة العربية والقاء كلمة لبنان اليوم وتوجه رئيس مجلس النواب نبيه بري الى زيارتين للعراق وقطر واستعداد رئيس الوزراء سعد الحريري لاستئناف نشاطه لا تتقدم اولوية على جدول الاولويات والاهتمامات الرسمية والسياسية قبل الموازنة وخطة الكهرباء باعتبار انهما اصبحتا البوابتين اللتين لا مفر من عبورهما معا نحو عملية التصحيح المالي وإطلاق الإصلاحات على نحو جدي، وإلا فإن الأثمان التي ستترتب على الواقع اللبناني برمته ستصبح اشد خطورة بكثير مما يرتسم حاليا من اخطار مالية واقتصادية على البلاد. وتتسم الاولويات المطروحة امام الحكومة والرئاسات والكتل النيابية اعتبارا من مطلع الاسبوع المقبل بضغط ربما يكون غير مسبوق لجهة الاضطرار الى بت بضعة ملفات ساخنة ومعقدة في وقت واحد ودفعة واحدة بفعل التباطؤ والتأخير وتآكل الوقت الذي كان ينبغي ان يوظف بأسرع ما يمكن بعد تأليف الحكومة لبرمجة هذه الاولويات وتنفيذها تباعا لئلا يؤثر التأخير في كل منها على الآخر وهذا ما حصل فعلا . ولذلك اتخذت التحذيرات العلنية والضمنية المتكاثفة للهيئات المالية الدولية كالبنك الدولي وبعض الدول المعنية بمقررات مؤتمر “سيدر “ وأبرزها فرنسا وبريطانيا والاتحاد الاوروبي عموما وحتى الامم المتحدة عبر ممثل الامين العام للمنظمة الدولية في لبنان طابعا ضاغطا للغاية اكتسب دلالات بالغة الجدية والخطورة لجهة الانطباعات التي تسود هذه الدول والمنظمات حيال اقتراب لبنان من مستويات خطيرة على المستويات المالية والاقتصادية والاجتماعية فيما تتصاعد معالم الاستغراب المكتوم لديها حيال التباطؤ اللبناني في اطلاق عمليات الإنقاذ المطلوب من خلال إرسال رسائل حازمة ومقنعة بان الطبقة السياسية بدأت اثبات أهليتها لإنقاذ البلاد مما يتهددها وتحفيز المجتمع الدولي الذي لم يبخل بالتزامات الدعم للبنان في مقابل التعهدات المقطوعة بالإصلاحات على الإيفاء بالتزاماته.

ولذا يسود الاعتقاد الان ان الايام المقبلة ستكون بداية اختبار حاسم وخطير في آن معا وقد يتقرر على اساسه رسم لوحة الواقع المالي والاقتصادي في المدى القريب جدا والمتوسط والبعيد لان الامور بلغت ذروة التأزم تكرارا بما يشبهه بعض الخبراء والمراقبين بما كان يسود لبنان عشية تأليف الحكومة من تصاعد خطير للمصاعب المالية والاقتصادية . فحين اشتدت ازمة تأليف الحكومة في الاسابيع السابقة لولادتها بدا لبنان على حافة الانزلاق نحو متاهات انهيار مالي واقتصادي، ما أشاع المخاوف الواسعة ولم تتبدد تلك المخاوف الا لدى صدور مراسيم تشكيل الحكومة بحيث انحسرت الضغوط الى مستويات كبيرة وعاد التوازن الى الاسواق المالية مقترنة بالاستقرار النقدي الثابت.

ويبدو ان كثيرا من ملامح استعادة تلك الحقبة عادت لترتسم حاليا بحيث اثارت الاجراءات المضطربة القسرية التي اتخذت في الاسبوعين الاخيرين المخاوف على مالية الدولة كما انعكس الامر على صورة الحكومة والدولة خارجيا بما بات يملي السرعة القصوى في استدراك التداعيات المؤذية والسلبية لمرحلة الانتظار التي تطبع البلاد حاليا . وفي ظل هذا الواقع من غير المستغرب ان تتزاحم على الحكومة ومجلس النواب الاولويات دفعة واحدة على غرار الاضطرار الى ادراج الموازنة وخطة الكهرباء معا على جلسة مجلس الوزراء في حال حصول ذلك ولكن سيكون السؤال الكبير المطروح هل تتوافر التوافقات الكبيرة على هذه الاولويات بما يعكس تحسس الجميع لخطورة الوضع ام تسقط الطبقة السياسية تكرارا في طباعها وأخطائها وتبايناتها وتدفع بالبلاد قدما نحو مصير قاتم؟