تونس تجمع الزعماء العرب في قمة: مناسبة لاسترجاع المكانة

تستضيف #تونس، البلد الوحيد الناجي من تداعيات "الربيع العربي"، الأحد، القمة العربية الثلاثين التي يشارك فيها نحو عشرين رئيس دولة يواجه العديد منهم انتقادات من منظمات حقوق الإنسان، أو احتجاجات شعبية تتعرض للقمع في بلادهم.

ومن المنتظر ان يشارك في القمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الذي وصل الخميس الى تونس وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وقرّر الرئيس السوداني عمر البشير الذي تتّهمه المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور والذي يواجه حركة احتجاجية تواجه بالقمع في بلاده، عدم المشاركة. وكانت منظمة حقوقية دولية طلبت من تونس توقيفه في حال مجيئه الى البلاد.

وقال مسؤول ديبلوماسي تونسي إن بلاده بين "الدول العربية القليلة التي باستطاعتها استقبال كل قادة الدول العربية"، مشيرا الى أن القمة ستكون مناسبة لاسترجاع مكانتها ضمن الدول العربية.

وتونس من الدول العربية القليلة التي يتاح التظاهر فيها ضد القادة العرب على غرار ما حدث خلال زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في تشرين الثاني الفائت. وكان ولي العهد توقف في تونس في إطار جولة خارجية تلت مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول في تشرين الاول الماضي. وتظاهر المئات ضده رافعين لافتات معادية، وهتفوا "الشعب يريد محاكمة بن سلمان".

وتمكنت تونس، مهد الربيع العربي، من سلوك طريقها نحو الديموقراطية، على عكس تجارب بعض الدول الأخرى التي أفضت الى أزمات.

ففي مصر، تلى ثورة 2011 وصول الإخوان المسلمين الى السلطة والإطاحة بهم على يد الجيش، يحكم اليوم السيسي بيد من حديد، وتلاحق الأجهزة الأمنية الصحافيين والناشطين والمعارضين الإسلاميين والعلمانيين. وفي سوريا، اندلعت حرب أهلية مدمرة بعد قمع الانتفاضة الشعبية ضد نظام الرئيس بشار الأسد. في ليبيا، غرقت البلاد في الفوضى والصراع على السلطة بعد سقوط الزعيم معمر القذافي.

أما في تونس، فمنذ سقوط الرئيس زيد العابدين بن علي تحت ضغط ثورة شعبية عارمة، تواصل البلاد سيرها بثبات نحو عملية ديموقراطية، إذ شهدت وضع دستور جديد وسلسلة عمليات انتخابية ناجحة.

ويرى الخبير في العلاقات الدولية يوسف الشريف في هذا الصدد أن "تونس هُمشت" بين العرب.

ويضيف أن الدول العربية "لا تدعم التقدم الديموقراطي"، لكنه يلفت الى أن القادة التونسيين لا يتقاسمون الخشية نفسها التي تعبر عنها منظمات المجتمع المدني.

وتعتبر القمة العربية الثلاثون والأولى التي تنظمها تونس منذ 2004، امتحانا حقيقا لقدرات البلاد على الجمع بين الديموقراطية والديبلوماسية العربية.

ولم تصدر أي انتقادات أو رفض لاستقبال القادة العرب في البلاد. غير ان انتقادات وجهت لحملة دعائية ترجمت بلافتات ضخمة ترحب بالملك السعودي مولتها شركات خاصة.

وكتب رئيس بلدية المرسى في الضاحية الشمالية للعاصمة حيث انتشرت هذه اللافتات على صفحته الرسمية في موقع التواصل "فيسبوك"، "بلدنا لا يستحق هذا. لن تكون تونس تحت رحمة من لا يحترم الكرامة الإنسانية".

ودعت 12 منظمة حقوقية ونقابية في تونس الى التعبئة والاحتجاج يوم انعقاد القمة للدفاع عن الحق في التعبير وعن حقوق المرأة في دول العالم العربي. وأكدت السلطات التونسية السماح بالتظاهر كحق مكتسب في تونس، "الديموقراطية الناشئة".

ويرى الشريف أن زيارة الرئيس المصري الأولى لتونس "ستزيد من انتقادات المقربين للنهضة"، الحزب الذي تربطه علاقات تاريخية مع الإخوان المسلمين في مصر.

وتألف الوفد المرافق للعاهل السعودي الذي وصل الخميس الى تونس من حوالى ألف شخص.

ويقول الشريف إن "الانخراط القوي للسعوديين في تونس يبين استراتيجية النظام لضم تونس ما بعد الربيع العربي"، مؤكدا أن "الرياض تأمل عبر ضخ الأموال في ضم النخبة السياسية التونسية الى جانبها".

ويضيف أن تونس لا تملك الوسائل أو الرغبة في تصدير نموذجها الديموقراطي للخارج، مضيفا "ليست حريصة على قضايا حقوق الانسان في مصر أو السعودية".

لكن ستحرص تونس خلال أعمال القمة على وضع ملف ليبيا، جارتها الغارقة في النزاعات، ضمن أولويات المواضيع التي ستناقش، خصوصا إثر خارطة الطريق التي قدمتها الأمم المتحدة لوضع حد للفوضى في البلاد والتي تنص على إجراء انتخابات.

ومن المنتظر أن تجمع قمة رباعية السبت القادم ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي برئاسة الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو #غوتيريش لتدارس الأزمة الليبية.

كما سيتطرق القادة العرب الى ملف الأزمة في سوريا حيث تمّ القضاء على آخر معقل لتنظيم الدولة الاسلامية السبت، بالرغم من أن مسألة عودة دمشق الى الجامعة العربية ليس مدرجا ضمن أعمال القمة.

وعلّقت الجامعة العربية في نهاية 2011 عضوية سوريا فيها، بسبب القمع الذي مارسه النظام على المحتجين في بداية النزاع.

وأعلنت تونس أن مكان سوريا الطبيعي هو ضمن الجامعة، لكن لن تكون هناك مشاركة لوفد سوري في أعمال القمة الأحد.

ويوضح المسؤول الديبلوماسي التونسي أن لا إجماع داخل الجامعة على استرجاع سوريا لمقعدها.