وسائل تجارة الرق أو بيع البشر تغيّرت... والنتيجة: 72% من الضحايا نساء وفتيات

روزيت فاضل

نعم، تغيرت أساليب تجارة الرقيق في عالم اليوم والنتيجة واحدة: بيع روح بشرية دون أي رحمة. في مقر الأمم المتحدة، يطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس رسالة لمناسبة اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الرق وتجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي لـ 2019 يحيي فيها ذكرى هذه الشريحة من البشر، الذين تحولت حياتهم بعد بيعهم الى "موتى أحياء". 

في نص الرسالة، ذكر غوتيريس أننا "في هذا اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الرق، نقف إجلالاً لملايين الأفارقة، نساءً ورجالاً وأطفالاً، ممن سُلبوا إنسانيتهم وأُجبروا على مقاساة هذه الوحشية البغيضة تجارة الرقيق كانت عبر المحيط الأطلسي فصلاً من أحلك فصول وحشية السلوك البشري وأشدّها فظاعة على امتداد التاريخ"، موضحاً أننا "نكرّم ذكراهم بالصمود في وجه جميع أشكال الرق، وإذكاء الوعي بمخاطر العنصرية في هذا العصر، وضمان إقامة العدل وإتاحة فرص متكافئة لجميع المنحدرين من أصول أفريقية".

واستعاد بالذاكرة الجرائم المنتهكة في ملف جرائم تجارة الرقيق "وما خلفته من آثار في أفريقيا وكافة أنحاء العالم على مر القرون". ولفت الى أنه "في هذا الإطار، يساهم برنامج الأمم المتحدة لتذكّر ويلات الرق في ضمان الاستفادة من دروس الماضي واستلهام العبر منها في الحاضر". وأضاف أن "الرقيق كافحوا نظماً قانونية كانوا يعرفون أنها جائرة... لذلك، علينا أن نسرد قصص كل أولئك الذين وقفوا صامدين أمام جلاديهم، وأن نعترف بعدالة صمودهم".

غوريه... "ذاكرة العبيد"

امتدت هذه التجارة من القرن 16 الى القرن 19، وشملت قارات عدة منها أفريقيا وأميركا الشمالية والجنوبية وأوروبا وجزر الكاراييبي. وكشفت تقارير مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أن أميركا اللاتينية "ما زالت تواجه مهمة ضخمة لعكس التمييز ضد المتحدرين من أصل أفريقي"، مشيرة الى "ضخامة المهمة على مدى العقد المقبل لعكس 5 قرون من التمييز ضد 150 مليون شخص من أصل أفريقي في أميركا اللاتينية ومنطقة بحر الكاراييبي".

ولا شك في أن جزيرة غوريه في السنغال ترمز الى الجحيم التي عاشها الأفارقة. الجزيرة، التي سبق لنا ان زرناها، جزيرة صغيرة لا تتعدى مساحتها 1820 كيلومتراً مربعاً. حافظ ذاكرة هذه القصص يرشد الزوار إلى تاريخ تجارة الرقيق الذي يعود الى العام 1444 ولم تنته فصوله الا مع استقلال السنغال في العام 1960". وشدد على انه "وضعت قواعد لبيع الرقيق، الذي يجب ان يكون وزنه 60 غراماً ليكون صالحاً للبيع"، مشيراً الى "طبقات في مركز العبودية تبدأ بالطابق السفلي المكتظ بالأفارقة، الذي تسكنه الرطوبة في الشتاء والحرارة المرتفعة في الصيف. وتتفرع فيه غرف للنساء وأخرى منفردة للفتيات وللمتمردين زنزانة ضيقة لتأديبهم بوحشية فيما يرمى المرضى طعاماً للتماسيح".

72 في المئة نساء وفتيات

كشف التقرير الصادر في بداية السنة الحالية عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في فيينا أن "النسبة الأكبر من ضحايا الاتجار بالبشر هي من دول شرق آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء"، مشيراً الى أنه "سجل ارتفاعاً مقلقاً لهذه التجارة بنسبة 40 في المئة عن الأعوام السابقة".

وتتفرع في التقرير نفسه الفئات الأكثر عرضة للإتجار البشر، ومنها "النساء اللواتي يشكلن 49 في المئة من هؤلاء الضحايا، فيما نسبة الفتيات القاصرات تناهز الـ 23 في المئة". اما التقرير فبين أن نسبة الرجال العرضة للإتجار بالبشر فتصل إلى 21 في المئة والأطفال الذكور 7 في المئة". ومن الأسباب الرئيسية للإتجار، وفقاً للتقرير، الاستغلال الجنسي ونسبته تصل الى 59 في المئة، يليه العمل القسري بـ 34 في المئة وبقية الحالات لأسباب مختلفة؛ كما كشف التقرير أن النسبة الأكبر من ضحايا الاتجار بالبشر هي من دول شرق آسيا وجنوب أفريقيا".

سوق النخاسة والسبايا

ومن الأمثلة الحية، التي عرفها العالم أخيراً، بيع تنظيم "داعش" للنساء في كل من سوريا والعراق. وقد نقلت وكالات عالمية معلومات دقيقة أن سعر بيع الفتاة وصل الى 165 دولاراً فيما بيع طفل بـ 10 دولارات". وقد تفاقمت ثروة هذه الجمعية الإرهابية من دفع الفديات لقاء تحرير رهائن، ولجأوا الى إعدام رهينتين يابانيتين عام 2015 عندما لم يصلوا على فدية لقاء إطلاقهما وصلت الى 200 مليون دولار. وقد نقلت كبريات الصحف الأجنبية ان هذا الإتجار شكل مصدر تمويل لـ “داعش".

بيع الأعضاء

وتطورت مفاهيم الاتجار بالبشر في العراق لتدخل في خانة سوق النخاسة، والذي تطور إلى بيع فتيات في موقع فيسبوك، إضافة الى تقرير "صادم" للمرصد العراقي للإتجار بالبشر - 2018 كشف من خلاله عن وجود سماسرة لهذه التجارة". وركز التقرير على وسائل نصب واحتيال يمارسها هؤلاء السماسرة لانتزاع أعضاء بشرية مقابل مبلغ مالي يراوح بين 7 و10 آلاف دينار عراقي أي ما يعادل 6 او 8 آلاف دولار". ولفت التقرير الى ان الضحية "لا تحصل الا على 10% من مجمل المبلغ ".

الوضع ليس بالأفضل في ليبيا حيث كشف تقرير "هيومن رايتس ووتش" الصادر في عام 2018 أن "مهاجرين وطالبي لجوء تحدثوا عن سلسلة من الانتهاكات على أيدي المهربين، وأعضاء الميليشيات والعصابات، بما في ذلك الاغتصاب، والضرب، والقتل، دون تدخل وكالات إنفاذ القانون الضعيفة في ليبيا أو حمايتها".

وبيّن التقرير أنه في آب الماضي "سجلت المنظمة الدولية للهجرة وصول نحو 20 ألف شخص إلى إيطاليا ومالطا من طريق البحر منذ كانون الثاني/يناير، أغلبهم غادر من ليبيا. ووفقاً لـ “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين"، توفي على الأقل 1,111 أو فقدوا أثناء عبور البحر الأبيض المتوسط نحو أوروبا"، مشيراً في الفترة ذاتها أن "المنظمة الدولية للهجرة ذكرت أن هناك 669,176 مهاجرا في ليبيا، بمن فيهم أكثر من 60 ألف طفل".

الضرب والعنف...

وذكر التقرير نفسه أنه "لإحباط ومنع مهاجرين إلى أوروبا عبر ليبيا، منح "الاتحاد الأوروبي" التدريب، والمعدات، والأموال لقوات خفر السواحل الليبية لاعتراض القوارب في المياه الإقليمية والدولية، وإعادة المهاجرين وطالبي اللجوء إلى الأراضي الليبية"، مشيرا ًالى أنه "يُوضع المهاجرون وطالبو اللجوء الذين اعترضوا في البحر وإعادتهم إلى الأراضي الليبية رهن الاعتقال، حيث يعاني كثيرون من ظروف لا إنسانية. يشمل ذلك الضرب، العنف الجنسي، الابتزاز، العمل القسري، عدم كفاية العلاج الطبي، وقلة الطعام والماء".