متاحف حول العالم: متحف القهوة في البرازيل

المُدمن على القهوة (وما أجمله إدماناً!) "يدسّ" شهيّته غير المروّضة على "حبوب البن" في كل زوايا متحف القهوة القائم في مدينة سانتوس البرازيليّة "هوّي وضميرو مرتاح". القهوة، هذه "الخليلة" التي تستحضر فساتين السهرة المُتدفقّة أنوثةً، وغالباً ما تتحوّل الجلسة حول "فنجان قهوة تروّق راسي" تجربة حسيّة يليق بها الصخب والتصريحات المدويّة (نعم، للقهوة هذا التأثير الشاعريّ والسرّيالي وغير المنطقي على كل من عرف يوماً كلماتها المُربكة و"إبتلع رحيقها"! إسألوا أي مُدمن "إذا مش مصدقين"!).

المُدمن على القهوة يُحوّل عشقه لهذا السائل الأسود التعبير الأقصى عن الاسترخاء في الرفاهية "المجازية". ويتعامل مع طقوس "فنجان القهوة" وكأنها في الواقع النظرة الأنيقة التي يُغازل من خلالها طيف أيام لم تحضر بعد (و"خدلك ع شاعريّة وأمثلة طنّانة تأتي على شكل: فوّت رحلة مصر وما تفوّت قهوة العصر!" و "شربي يا ستّي، ما حدن آخد معو شي" و"إذا بتريدوا ما حدن يحكيني قبل أول فنجان قهوة سادة").

وفي متحف القهوة القائم في مدينة سانتوس البرازيليّة، تستقبلنا رائحة السائل الأسود، ما إن ندخل الباب الكبير. وقد تستمر الزيارة لأكثر من ساعتين تنصهر فيها النوادر الآتية من تاريخ عَبَر بـ"مزمزة فنجان أو تنين" في المقهى الحميم القائم داخل المتحف. أفلام وثائقيّة، وثائق تاريخيّة، وشرح مُطوّل حول تطوّر ثقافة القهوة عبر العصور من دون أن نغض الطرف عن جذورها المُترسخة في إثيوبيا، ومعلومة يحب معرفتها تفيد أن البرازيل هي أهم مُنتجة للقهوة في العالم.

المتحف كان ماضياً مبنىً مُخصّصاً لبورصة البن! نعم، إذ إن للقهوة سلطتها الكبيرة في تاريخ البلاد. ويُحكى أن تُجّار القهوة كانوا يُنجزون مُعاملاتهم في هذه الفُسحة التي تستقبل الزائر بـ"أجمل ريحة"..."وبإبمكانكم أن تعتبروا "هالكلمتين" البلاغ الرسمي لمُدمنة تتحمّس بجديّة مُقلقة ما إن يحين "وقت خامس فنجان". وهي الجديّة الدراماتيكيّة والمسرحيّة عينها التي تتوسّلها عندما يُعلن الصباح موعد "أول فنجان"...و"شربي يا ستّي، ما حدن آخد معو شي"!

     Hanadi.dairi@annahar.com.lb