تكنولوجيا من 2000 سنة فُقدت عن طريق الخطأ كانت ستغيّر حياتنا!

جاد محيدلي

على قدر ما نعتقد بأننا وصلنا إلى زمن التكنولوجيا والتطور، يجب أن نعترف أيضاً بأن الشعوب القديمة كذلك وصلت إلى درجة متطورة من العلم لم نعرفها نحن. فطريقة بناء الأهرامات حتى الآن لم تُكشف حقيقتها بشكل كامل، ولا طريقة تحنيط الفراعنة تمّت معرفتها. حتى أن القلاع والطرق التي بنتها الشعوب القديمة لا تزال موجودة حتى الآن منذ آلاف السنوات رغم الحروب والزلازل والكوارث، بينما المباني والطرقات الموجودة حالياً قد تتدمر بشكل أسرع على الرغم من أنه يتم تنفيذها من قبل مهندسين محترفين قضوا سنوات من حياتهم في الجامعة ليحصلوا على الدراسة الكافية. لكن إلى جانب ذلك، يُعتقد أنه في السابق فُقد العديد من الأساليب التكنولوجية لو بقيت موجودة لكانت تغيرت حياتنا بشكل كامل، مثل نظم الصرف الصحي والرّي الحديث التي اخترعها الرومان.

وبحسب موقع How Stuff Works، كانت هناك تكنولوجيا عند الإغريق اختفت عن طريق الصدفة، أولاً عندما غرقت السفينة التي كانت تنقلها قبل ألفي سنة، وثانياً عندما هجرها المؤرخون الذين أحبطتهم الأشعة السينية التي أثبتت أنها عويصة على القراءة آنذاك، لأكثر من قرن من الزمن بعد أن استخرجت مجدداً من أعماق البحار إلى اليابسة في حوالي سنة 1900 إلى 1901. هذه التكنولوجيا كانت شيئاً يستحق الانتظار والتدقيق والدراسة، وبمجرد أن أدرك الباحثون ماهية هذا الغرض، الذي كان بحجم حاسوب محمول، تغيّر منظورنا ومفهومنا لتكنولوجيا المعدات الإغريقية تماماً، وذلك لدقّة الحسابات الكبيرة التي كان عليها هذا الغرض. هذه الآلة كانت مبنيّة ومصممة من أجل تتبّع حركة الأجرام السماوية والقمر والشمس بدقة.

وبحسب العلماء الذين درسوا هذه الآلة، يتطابق أحد أسنان الترس الـ235 مع عدد الأشهر في 19 سنة شمسية. ويعتقد أنه لربما حصل مخترع الآلية على هذه الفكرة من حضارات شعوب بلاد ما بين النهرين القديمة، الذين استخدموا دورة الـ235 شهراً وقاموا بإعداد جداول بارعة تعقبت حركة الأجرام السماوية بدقة متناهية. وصمّمت بعض الآليات ضمن هذه الآلية من أجل تعقب حركة القمر، والتي كانت تأخذ بعين الاعتبار حتى التعريجات التي يسببها مدار القمر. وبعد فك شيفرة هذه الآلية التي أطلق عليها اسم "آلية آنتيكيثرا"، راح البعض يفكر في ما إذا كان بالإمكان اعتبار هذا النموذج للنظام الشمسي، حاسوباً، وذلك لأنه كان يؤدي حسابات توضح زمن حدوث الكسوف بالساعة، وذلك قبل عقود من وقوعه.

يشار إلى أن الدورات القمرية كانت مهمة جداً للإغريق القدماء الذين اعتمدوا عليها من أجل حساب الدورات الزراعية، وزمن المناسبات الدينية، وبرمجة دفع الأجور، بالإضافة إلى التخطيط المسبق للمشاريع، وكان على القارة الأوروبية أن تنتظر حتى سنة 1642 قبل أن يُخترع "حاسوب" ميكانيكي فعّال ومتطور على شاكلة "آلية آنتيكيثرا"، وهو الـ"باسكالين" الذي قام باختراعه الرياضياتي والمخترع والفيلسوف الفرنسي بلاز باسكال. بالإضافة إلى الساعات الفلكية الحقيقية التي لم تظهر إلا بحلول القرن الرابع عشر في أوروبا.