للمرة الأولى سجينة توقّع ديوانها الشعري في سجن القبة

وقّعت إحدى نزيلات سجن النساء المركزي في القبة – طرابلس ظريفة دياب ديوانها الشعري الذي أنجزته خلف القضبان، في حدث ثقافي هو الأول من نوعه في السجون اللبنانية.

الحدث دعت إليه وزارة الثقافة و"الجمعية اللبنانية الخيرية للإصلاح والتأهيل"، بحضور الرئيس الأول لمحاكم الاستئناف في الشمال القاضي رضا رعد ممثِّلاً كلاً من وزير العدل القاضي ألبير سرحان ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد، وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن ممثَّلة بقائد سرية درك طرابلس العقيد عبد الناصر غمراوي، محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا ممثَّلا برئيس قسم محافظة لبنان الشمالي لقمان الكردي، القاضي في محكمة التمييز أماني حمدان، نقيب المحامين محمد المراد، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان ممثلاً بآمر فصيلة سجون طرابلس العقيد بهاء الصمد، المدير العام للجمارك بدري ضاهر ممثلاً بالملازم أول سليم الهدّ، مدير عام وزارة الثقافة الدكتور علي الصمد ممثلاً برئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي صفوح منجّد، المدير العام وزارة الشؤون الاجتماعية القاضي عبدالله الأحمد ممثلاً بربى صوراني.

بعد النشيد الوطني وكلمة الإعلامية ليا عادل معماري، قرأت محامية الجمعية ميرنا شاكر رسالة من المدير العام للمراسم والعلاقات العامة في رئاسة الجمهورية نبيل شديد، موجّهة إلى رئيس الجمعية فاطمة بدرا، جاء فيها: "تلقى فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون دعوتكم لحضور حفل توقيع كتاب بعنوان "وطني دار السلام" لنزيلة في السجن تقيمونه يوم الأربعاء في 27 شباط 2019. ويسرّنا أن ننقل إليكم شكر فخامة الرئيس وتقديره لدوركم اللافت والمميز في خدمة الإنسانية والمجتمع، مثنياً على عملكم في تسليط الضوء على مواهب حجبتها قضبان السجن لتصل إلى نظر ومسمع كل قارئ ومصغٍ، متمنياً لكم دوام النجاح والتوفيق".

ثم تحدث العقيد بهاء الصمد فقال: "إن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وبتوجيهات من وزارة الداخلية والبلديات تولي أهمية كبيرة للسجينات باعتبارهنّ من الفئات الهشّة التي قد تحول نظرة المجتمع إليهنّ دون إعادة اندماجهنّ في المجتمع، ما قد يدفعهنّ كردّ فعل للعودة إلى المسلك الإجرامي، لذلك فإن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي تعمل مع الجمعيات التي تعنى بأمور السجينات من أجل استغلال طاقات السجينات بمختلف فئاتهنّ من أجل تأهيلهنّ لإعادة اندماجهنّ في المجتمع بعد خروجهنّ من السجن".

وألقى رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي صفوح منجّد كلمة نقل في مستهلها تحيات مدير عام الشؤون الثقافية في وزارة الثقافة الدكتور علي الصمد، وقال: "إنها خطوة فريدة غير مسبوقة في العالم أجمع وليس على صعيد لبنان والشرق الأوسط، حيث يلتئم هذا الجمع السياسي والقضائي والثقافي للمشاركة في هذا التوقيع، نظراً لتميزه ولفرادته وكل التقدير لصاحبة هذه الخواطر الإنسانية المفعمة بالأمل والحياة والتصالح مع الذات".

وتحدّث نقيب المحامين محمد المراد فقال: "قد يكون من غير السهل التحدث عن موضوع لم نشهده أو نألفه من قبل يتجسّد في ثلاثية من التحديات، تبدأ أولاها بهذه الإرادة القوية والملطفة في آن بالأمل لدى هذه السيدة التي هي اليوم نزيلة هذا السجن، والتي استطاعت بإرادتها وإيمانها أن تطلق فكراً وثقافة تعبّر من خلالهما عن مكنونات ما تعيشه، وأن تطلق صورة تلك المرأة الموجودة اليوم خلف القضبان والتي بإمكانها أن تكون حرة خارجه.

وأضاف: أما التحدي الثاني فهو أنها تمكنت من الخروج من دائرة التفكير اليومي بالمعاناة وباليأس اللذين يلازمان السجين، ويسدّان أمامه طريق المعرفة، ويجعله جامداً ويحول دون انطلاقته، أما التحدي الثالث فيظهر في تلك المواءمة التي جسّدتها مديرية قوى الأمن الداخلي ما بين تلك الطاقة عند ظريفة وبين تأمين حقوق الإنسان، وأعتقد أن هذا الحدث يمكن أن يضيء على صورة لبنانية جميلة في كيفية تعامل الدولة مع حقوق الإنسان حتى داخل السجن".

وقال الأمين العام للاتحاد الفلسفي العربي الدكتور مصطفى الحلوة: "في مقاربتنا هذا الديوان أو المجموعة النثرية نجدنا أمام المنحى الثاني لأدب السجون مع سجينة يمكن أن أدرج مجموعتها تحت عنوان "وطني دار السلام"، وتنتمي إلى قصيدة النثر أو إلى فنّ الخواطر الذي يعتمد الإيقاع في أغلب مفاصل النصوص التي بلغ عددها 19 نصّاً، متنوعة في موضوعاتها، عبّرت فيها على رغم جراح السجن وآلامه، عن حبها وهيامها بهذا الوطن الذي يشكّل، حسبما ترى، حضناً دافئاً للعيش الوطني الواحد.

وختم: نتطلّع برجاء إلى اليوم الذي تتحرر فيه سجينتنا، فتتابع مسارها الأدبي الواعد، وتعمل جاهدة في تجويد لغتها العربية، فلديها الخامة التي تحتاج إلى صقل لكي تحرز درجة أعلى في السلم الأدبي".

وألقت السجينة - الأديبة ظريفة دياب كلمةً شكرت فيها للحضور مشاركتهم وللجمعية اهتمامها ورعايتها، ولمديرة السجن أوديل سعد وقوفها إلى جانبها، وقالت: "لقد جعلتم من هذا المكان المنعزل وادياً أخضر يطيب ريعانه، أسمع صدى كلماتي فيه". وألقت قصيدة من وحي المناسبة.

وقالت رئيسة الجمعية فاطمة بدرا: "ليس من باب الصدفة أن نكون اليوم هنا لنشهد توقيع كتاب لنزيلة اختارت الوطن والدار والسلام عنواناً لمولودها الأول الذي يحمل رسائل في اتجاهات متعددة، وكأني بها تقول بأن السجن يمكن أن يكون وطناً أو داراَ أو سلاماً مسلوباً، وكأنها تضيف بأن ما وراء القضبان ما هي إلا بقعة يمكن للمرء أن يجعل منها محطة انطلاق لبناء الإنسان والسلام عبر عملية الإصلاح والتأهيل المصحوبين بالإرادة وجميل التوكّل وحسن الهدف.

وأعقب ذلك تسليم النزيلة ظريفة درعاً تكريمية من الجمعية ومجموعة كتب من الدكتور مصطفى الحلوة، وتمّ قطع قالب من الحلوى، وتوقيع الكتاب.