خدمة الدين العام بكل تبسيط...

ماجد المقصود


بلغ حجم الدين العام اللبناني، حسب بيانات وزارة المالية اللبنانية، حوالي ٨٥ مليار دولار أميركي، وتقدّر كلفة خدمة هذا الدين أو ما يعرف بالفوائد حوالي ٣ مليارات دولار سنوياً، ناهيكم عن العجز في الموازنة الذي يرفع من قيمة الدين كل سنة بنسبة قد تصل إلى حدود الـ في المئة من إجمالي الدين.

وإذا ما أردنا تقسيم هذا المبلغ، أي الفوائد السنوية البالغة ٣ مليارات دولار، على ١٢ شهراً، تكون قيمة المبلغ الواجب دفعه حوالي ٢٥٠ مليون دولار في الشهر، اي حوالي ٩ ملايين دولار في اليوم.

وفي الأمس القريب، جال وزير الصحة اللبناني جميل جبق في الشمال، وعاين المشفى الحكومي في حلبا، وأعلن من هناك رفع سقف موازنة المشفى من ٤ مليارات ليرة سنوياً الى ٧ مليارات، أي أقل بقليل من ٥ ملايين دولار أميركي، وقد لاقى هذا القرار ترحيباً شعبياً وسياسياً في عكار التي يبلغ عدد سكانها حوالي ٤٠٠ ألف نسمة. تخيّلوا معي يا سادة بأن موازنة مشفى حكومي لكل عكار التي تمثل تقريباً ١٠ في المئة من عدد سكان لبنان، تساوي ما قيمته ١٢ ساعة فوائد فقط لا غير. وتخيّلوا معي يا سادة بأن بعض التقارير تحدثت أنّ كلفة إعادة تشغيل مطار القليعات لا تتجاوز ٢ مليوني دولار، أي فوائد ٥ ساعات، فيكون لدينا مطار ثانٍ في لبنان ويخلق آلاف فرص العمل للشباب العاطل عن العمل. وفي حديث للنائب وليد البعريني إلى إحدى الصحف الإلكترونية، أكد أن لا قرار سياسياً بعد في إعادة تشغيل المطار... أنا أتساءل كما غيري، مَن يأخذ القرار السياسي إذا كانت عكار ممثَّلة بكتلة رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية؟!

أخيراً يا سادة، هل تعلمون أن تكلفة إنشاء مترو أنفاق تقدر بحوالي ٦٠ مليون دولار للكيلومتر الواحد؟ ونعلم أن بيروت العاصمة المركزية تستقبل حوالي ١٠٠ ألف مركبة أو سيارة من مدخلها الشمالي فقط كل يوم، والنتيجة ضياع ساعات يقضيها المواطن على الطرقات من أجل إنجاز عمل في وزارات الدولة، ناهيك عن التلوث والخسائر الاقتصادية.

يُعتبر مترو الأنفاق من أهم وسائل المواصلات، وهو الحل الأنجع لحل أزمة السير. وإذا أخذنا مثلاً المسافة الفاصلة بين طبرجا ومطار رفيق الحريري الدولي فهي تبلغ بالحد الاقصى ٣٠ كلم، أي أن كلفة المترو لا تتعدى ملياري دولار، أي فوائد ثمانية أشهر فقط، ويكون لدينا مترو يمرّ عبر الكازينو والكسليك والدورة فوسط بيروت ثم المطار.

طبعاً، هذه أمثلة، وهناك الكثير منها التي تتطلّب حسن التخطيط واتخاذ القرارات بعيداً عن الكيدية السياسية، ولطالما كان لبنان فريداً بخصوصيته وجغرافيته وبشعبه.

اليوم، مطلوب من رجالات الدولة حزم أمرهم من دون أي أعذار، والوثوق بقدرات شعبنا وطاقاته، فلسنا بحاجة لاستنساخ تجربة أي دولة. علينا فقط العمل وفق سلم أولويات يحدده واقع البلد ومشكلاته وليس التشبه بدول أخرى. عليكم أخذ القرارات وسنّ القوانين والتنفيذ قبل فوات الأوان.