أهرب وحدي على أن أحرمك من أمنية سميتَها حياةً

محمد العرابي

أنا أثق في صوتك الذي سقط من غصن، ولم يحدث دوياً، ولم يلعن، ولم يسبق صمت الليلة الماضية. أعرف من لون تركته في الهواء بلا تأويل ولا حركة أن صدوعك تكبر كلما حاولت أن تلحم جروح اللغة وتفضي إلى معنى أو إلى قبر.

مرات، وأنا أدلِّي رأسي في حبل أستعمل يدي كسكين لأقطع لساني لئلا تبقى كلماتي معلقة إلى جانبي، بينما تكون هي جديرة بفراغ وبرعب ناهيك بافتقار لما لا حد له من المواساة. لكني عندما سمعت ساعتك تدق التفت ورائي لأرى هل دنا الموت مني بما يكفي لأهرب ركضاً، هل ثمة رهان وراء هذه الأخطاء التي أنزلق فوقها أكثر ولا تفتح من سبيل أمامي إلا كي أغوص مكان الأوتاد التي تتركها في قلبي.

سأتركك تفلت مني إلى نجمتك، مع أني لا أمسك من ريشاتك غير قليل مما لا يغني عنه عجزي، وتكراري أخطاء عصفور في التحليق وفي الهبوط. وإن رأيت أن نجمتك تبتعد أكثر وأن خيالك يقصُّه سقف من قصب وطين، فذلك لأني أهرب وحدي على أن أحرمك من أمنية سميتَها حياةً، إن كنت أذكر.