قصة الصحافي الذي فضح ستالين وتحوّل إلى فيلم!

جاد محيدلي

أخبار كثيرة نسمعها يومياً في وسائل الإعلام، إلا أن أخباراً قليلة تمّ التوصل إليها بجهود صحافية وأدت إلى حدوث ضجة وخضة كبيرتين، ولعل أبرز الأمثلة على ذلك هي القصة التي تعود إلى عام 1933 عندما كشف الصحافي الويلزي غاريث جونز عن المجاعة التي أحدثها ستالين نتيجة سياساته الزراعية، وأسفرت عن موت عشرة ملايين نسمة. حينها اتُهم جونز بالتلفيق والكذب، وجاءت الاتهامات ممن تعمّدوا إخفاء الحقيقة. ثم وفي وقت لاحق، تأثّر الكاتب الإنكليزي الشهير جورج أورويل بهذا الأمر في روايته "مزرعة الحيوانات"، وكان أداء جيمس نورتون، أحد أبطال حلقات مسلسل "ماكمافيا"، مميزاً ورائعاً في تجسيده لشخصية الصحافي غارث جونز، الذي حالفه الحظ في سبقه الصحفي، وهو كان قد ذاع صيته بعد أن وجد نفسه على متن طائرة مع أدولف هتلر وتمكّن من إجراء مقابلة حصرية معه.

[[embed source=instagram id=https://www.instagram.com/p/Bhr4s73Fzgo]]

وفي الفيلم الذي أخرجته البولندية أنييشكا هولاند، يتجه جونز إلى موسكو بزعم السعي لإجراء مقابلة مع جوزيف ستالين كما فعل مع هتلر، لكنه في الحقيقة يتسلل إلى أوكرانيا التي يُحظَّر على الصحافيين دخولها. وفي وقت لاحق، يكتب جونز عن صدمته إزاء ما رآه من آثار المجاعة ويقول: "الجميع يصرخون بسبب عدم وجود خبز، والموت مصيرهم!". الفيلم من إنتاج بولندي، إلا إنه يضم ثلاثة ممثلين معروفين في هوليوود هم جيمس نورتون، وفينيسا كيربي في دور الصحافية إيدا بروكس، وبيتر سارسغارد في دور وولتر دورانتي، رئيس تحرير مكتب موسكو لصحيفة نيويورك تايمز. وأخرجت أنييشكا هولاند الفيلم الذي تصل مدته إلى 141 دقيقة. وطوال أحداث الفيلم، يُمثل غاريث جونز أفضل ما في مهنة الصحافة، بينما يمثل وولتر دورانتي الأسوأ، وهو ما أبدع سارسغارد في تمثيله حتى جعل الشخصية مثيرة أكثر من البطل جونز نفسه.

وقد اتهم دورانتي جونز بتلفيق شهادة شهود العيان، رغم أن التاريخ يشير إلى أن دورانتي نفسه كان يعرف حجم هذه المجاعة، لكنه كان مقرباً من النظام السوفياتي، ويرجّح آخرون أنه قد تعرض لضغوط. ويلقي الفيلم الضوء على الضبابية الأخلاقية لمن يمسكون بمقاليد السلطة، وبحسب المخرجة، حين يتم إنكار حكايات لشهود عيان على حدوث مجاعة كتلك، يفكر المرء في الصخب الذي كان سيحدثه أمر كهذا على تويتر، والجدل العارم الذي كان سيثيره تقرير جونز لو ورد في وقتنا الحالي. ويستشهد الفيلم بجملة جورج أورويل "ليس من أمل إذاً"، مقراً بمصداقية ما أورده جونز عن تلك المجاعة.