لم يعد ذلك الرجل الذي هتف له قلبها

دريّة فرحات

قمة

وصلتِ القمة، وقفتْ في أعلى نقطة...

نظرتْ إلى الوراء فرأتْ نجاحاتها جميعها...

من حدائق حبٍّ وأنهارِ علم ومجد وثقافة... نجاحات لا مثيل لها...

لكنّها عادتْ إلى أوّل السّفحِ، فرأت أنّ آمالها وآمانيها ما زالت هناك...

*******

وهم

يتهاديان فوق لوح وردي 

إنّها ليلة الغرام

يحاول أن يصل إلى مبتغاه

يحاول... ويحاول...

يُشعرها بلذة الانتصار

يوهمها أنه حقّق ما يريد... أثبت هويته

ويقف مزهوًّا

لكنّه يُخبئ عينيه... ينظر إلى مكان آخر خوفًا من انفضاح الأمر.

تُدير وجهها إلى الجانب الآخر

تضحك ضحكة يملؤها الآسى...

ولا تعلم هل هي تضحك عليه أم على حالها...

*******

مثقّف

كلماته الرّنانة تدخل كيانها وعقلها...

عشقت آراءه الأدبيّة والنّقديّة... كانت مستمعة دائمة لأمسياته ومنتداه الأدبيّ

ومع الأيام صارت أقرب إليه تُسمعه شعرها لعلّها تفوز برضاه النقديّ...

أسمعها غزلًا متودّدًا إليها...

فتراجعت مسافاتها وخطواتها...

هي تبحث عن عقله لا ذكوريته...

فابتعد عنها واقترب من حسناء أخرى قبلت تودّده.

*******

صوت

تهادى إليها صوت يهمس في أذنها بكلمات ثائرة..

تلفّتت يمينًا وشمالًا..

أمامَ خلفَ

لم ترَ أثرًا لأحد

عاد الصوت أقوى ممّا كان

فأيقنت أنّه من داخلها

صوت يدعوها إلى إعلان التّمرّد.

*******


الحذاء الجديد

شعاع الشّمس المسنون يرسل لهيبه إلى الأرض

صبيّ حافي القدمين.. ينقل خطواته على الطّرقات

يحثّ خطاه مسرعًا ليصل إلى المقهى حيث عمله

وتحت إبطه حذاؤه الجديد

يصل إلى مبتغاه والعرق يتصبّب من جبينه.

ينتعل حذاءه

يطمئن قلبه... لن يبلى الحذاء.

*******


كرامة

تلحّفت بالسّواد..

ذرفت دموعًا حرى عليه...

لكنّها في يوم العزاء...

اكتشفت أنّه لم يكن بريئًا براءة قميص يوسف

فخلعت السّواد عليه... وارتدت السّواد على كرامتها.

*******

لذّة

بين اللّذة والعقل...

خطوة خطتها لتحقيق شهوتها...

أيقظها صوت الواقع

فعادت إلى عالم الحرمان

لكنّها شعرت أنّها فقدت شيئًا من ذاتها...

*******


لقاء ثانٍ

والتقيا من جديد... رأته يسير في ذلك الشّارع الذي تعوّدا أن يسيرا فيه...

نظرت إليه وقد غيّرت فيه السنون بعض معالمه وإن حافظ على وسامته...

لكنّها لم تلمح بريق عينيه...

لم يأسرها بحيوته...

ففي عينيه بؤس وخيبة واستسلام... لم تتعوّدها فيهما...

هو، أجل هو

لكن لم يعد ذلك الرّجل الذي هتف له قلبها...

من قال إنّ الحبّ إلّا للحبيب الأوّل؟

*******