الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

كارل لاغرفيلد يتحدّث عن الموت والحياة في آخر لقائي معه!

المصدر: "النهار"
فاديا خزام الصليبي
كارل لاغرفيلد يتحدّث عن الموت والحياة في آخر لقائي معه!
كارل لاغرفيلد يتحدّث عن الموت والحياة في آخر لقائي معه!
A+ A-

نبأ موت لاغرفلد أحزنني كثيرا وجعلني أستذكر تلك اللحظات في باريس لاجراء مقابلة صحفيّة، خفّة ظله لم أنسها أبدا ، فلسفته للحياة أثرت بي، سأستعيد معكم أجمل المقطتفات للمقابلات التي أجريتها معه وانطباعي عنه.  

مَنْ هو هذا العملاق المتحدر من عائلة ألمانيّة؟ صاحب اللّكنة الغريبة، الذي عندما يتكلّم الفرنسيّة نستمع إليه على قعقعة خواتمه... كارل لاغرفلد الساحر... المضحك... الغامض... المرح.

يقود سيارته واضعاً نظاراته السوداء حاجباً بها تعابيره أمام الناس وعاقصاً شعره إلى الخلف. من هي هذه الشخصيّة السليطة اللسان؟

هو المصمّم العملاق "حامي" اسم "شانيل" ومبدعها الذي تمكّن من خلال تصاميمه من المحافظة على مستوى هذه الدار العريقة، لا نعرف في أيّة سنة ولد لأنّ كارل لا يكشف عن تاريخ ولادته كلّ ما نعلمه أنّه ولد في 10 أيلول أي أنّه من برج العذراء، ولد في "هامبورغ" في ألمانيا وغادر وطنه الأم سنة 1952 ليستقرّ في باريس، وفي إحدى مقابلاتي معه قال لي: "لا أريد أن أكون واقعياً" فمظهره الذي كوّنه من فرضيّات وهميّة يعلّمنا أنه لا ينتمي إلى عالمنا، إنّه أشبه ببطل خرج لتوّه من مخيّلة خصبة. فهو بالإضافة إلى أنّه مصمّم فهو ناشر كتب يملك داراً للنشر ومصوّر فوتوغرافي يعشق التصوير.

طبعه

طبعه العاطفي يدهش، تسلّطه يفاجئ قليلاً، مظهره وطبعه المرح يستهوي عدداً هائلاً من الشباب الذين يحلمون بلقائه كأنّه بطل خيالي في عالمهم المراهق يناسب تطلّعاتهم. في فرنسا يخشاه الكثيرون لنقده اللاذع وسرعة بديهته، هذا الألماني الأصل يتكلّم الفرنسيّة بنعومة وترفّع، وللحقيقة فإنّ الذين يخشونه لا يعلمون كم هو متطلّب في لقاءاته ليس لأنّه لا يحبّ الناس أو لخبث مزعوم، بل لقدرته الفائقة على تقويم محاوريه، فإذا كان المحاور ذا مستوى عالٍ قابله بلطف وكرم وبساطة محبّبة، أمّا إذا كان ضيّق الأفق، فلا رحمة ولا شفقة. إذاً على محاوره أن يكون شمولي النّظرة ليكسب رفقته وصداقته. إنّ سؤالاً من حجم مَنْ يعجبك أكثر المرأة الشرقيّة أم الآسيويّة أم الأوروبيّة يعتبره سؤالاً غير لائق فهو يفضّل الأسئلة الذكيّة، فهو خلف نظّاراته السميكة يخفي عينين ثاقبتين، فهو الذي لا يسأم أبداً وتبقى روحه متيقّظة مشدودة لفكرة أو لصورة أو لشخصيّة تثير اهتمامه.

إنّ هذا الإنسان الذي يعيش الحاضر يتمنى دائماً أن يفهم المسار الذي سيسلكه المستقبل، ولهذا السبب فإنّ حشريّته شرهة، فهو يعشق التغيير والمفاجأة. إنّ سرّ استمراريّة هذا الإنسان الخارج عن المألوف تتلخّص بكلمتين: الموهبة والطابع.

الطفولة والنظرة إلى الموت:

في إحدى مقابلاتي سألته ذات مرّة:

 أخبرنا قليلاً عن والديك وطفولتك في ألمانيا؟

 أبي كان مأخوذاً بعمله، لم أكن أراه كثيراً، إلا أنه كان ذا شخصيّة جديّة بعيدة كل البعد عن التسلية والمرح، ولكنّه كان محباً ولطيفاً بعكس أمي التي كانت قاسية. وكانت تنتقدني لأنّني أتكلّم بسرعة (يبتسم).

 لماذا تركت ألمانيا واستقرّيت في باريس؟

 منذ طفولتي كان لديّ هاجس الرحيل، رغم أنّني لم أكن طفلاً تعيساً أبداً، لكنّني كنت أتوق إلى الخروج من طفولتي والبحث عن النّضوج والتجارب في الحياة والعمل على التقدّم والتطوّر لأنّني لا أؤمن بالحظ.

 صِف لنا نفسك!!

 أنا إنسان هادئ، مرح، لا أغضب أبداً، فاللامبالاة من طبعي، لا أحب الأشياء الفظيعة والمؤذية، كما أنّني لا أستطيع الاندماج مع كلّ الأشخاص. فالأشخاص السطحيّون وذوو الأفق الضيّق يزعجونني وأحاول قدر الإمكان الابتعاد عنهم، ولديّ نظرة ثاقبة في اكتشاف دواخل الأشخاص.

هكذا هو كارل لاغرفلد عفوي وصريح إلى أقصى حدود الصّراحة، سألته أخيراً

 ما هو مصدر إبداعك وتصاميمك؟

 في الواقع لا أعرف ليس هناك من سبب. يأتيني الوحي والإلهام بسرعة البرق وبدون أن أشعر، هو إحساس لا أستطيع تفسيره.

 يُقال إنّك "حشري" وتبحث دائماً عن المستقبل؟ لماذا؟

 هذا ليس صحيحاً، المستقبل بالنسبة إلي يعني بعد ستة أشهر، المهم هو الوقت الحاضر، لكن حشريّتي تتركّز على البحث في حقيقة بعض الأمور، فأنا شره في معرفة الحقيقة.

 لديك الشهرة والمال إلى ماذا تتوق بعد؟

 لا أتوق إلى شيء، لقد حقّقت ما أريد لكنّ الأمر لا ينتهي عند هذا الحدّ، هناك دائماً أحلام.

 يُقال إنّك تحب الوحدة كثيراً، ألا يعني ذلك أنّك تمرُّ بلحظات قنوط، رغم تمتّعك بالظرف والمرح؟

 ما هذه النظرة الغريبة إلى الوحدة؟ فالوحدة لا تعني الحزن، فإذا امتنعت عن الجلوس وحدي لا يمكنني أن أفكّر، أن أرتاح، وأسترجع طاقتي، أنا أعشق التمدّد بهدوء على الديوان، وأقرأ أو أرسم أو أستمع إلى الموسيقى، فالكلّ يعلم بأنّني لا أحب الخروج كثيراً.

 ما هي الكتب التي تقرأها؟

 الأمر يختلف، أنا أقرأ بثلاث لغات: بالفرنسيّة، بالإنكليزيّة والألمانيّة، الأمر يتعلّق بالمواضيع، إنّها متنوّعة: فلسفيّة، سيرة ذاتيّة، وتاريخيّة...

هل تحب السياسة؟

 كلا، أبداً

 هل تخاف من الموت؟

 كلا، أبداً، لا أفكّر فيه حتى.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم