زيارة ماكرون لبيروت مؤجّلة أشهراً وقد يسبقها ذهاب الحريري إلى باريس؟

باريس - سمير تويني

تضاربت الإشاعات في لبنان حيال زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لبيروت، بعد الاعلان عن تشكيل الحكومة. وأوضحت مصادر رسمية في قصر الاليزيه "ان الزيارة التي كانت مقررة منتصف شباط الجاري أرجئت الى تاريخ لم يحدد، مؤكدة أنه سيجري بحث بين السلطات الفرنسية واللبنانية في تحديد موعد جديد لها.

ووفقاً للقواعد الديبلوماسية، يفترض في باريس ان تقدم الـى الرئاسة اللبنانية عدداً من التواريخ ليجري الاتفاق عليها. وفي هذا السياق، سيقوم مسؤولون فرنسيون في القصر الجمهوري ووزارة الخارجية، بزيارة تقنية للبنان بعد أن تكون الحكومة قد نالت الثقة من مجلس النواب وبدأت بالعمل فعليا على تنفيذ البرنامج الإصلاحي الاقتصادي والاجتماعي، لأنه الأمر الأكثر إلحاحا بالنسبة الى الإدارة الفرنسية. ويشرف على متابعة هذا العمل عن الجانب الفرنسي السفير بيار دوكين.

وكانت باريس وضعت ثلاثة شروط لتأليف الحكومة: اولا أن تكون حكومة وحدة وطنية، وثانيا أن تطبّق سياسة النأي بالنفس عن سياسة المحاور، وثالثا أن تسير في البرنامج الاصلاحي الذي عرضه لبنان خلال مؤتمر "سيدر"، وهي اليوم تنتظر قرارات السلطات اللبنانية لتحكم على توجهات الحكومة ومجلس النواب الذي تعود اليه المصادقة على الخطة بعد إحالتها عليه. والادارة الفرنسية لم تكن راضية عن الأداء السياسي الذي أدى الى تأخير تشكيل هذه الحكومة، ودعت مراراً المسؤولين اللبنانيين الى تحمل مسؤولياتهم، وحضّتهم على الإسراع في تأليف الحكومة. وفي هذا السياق، تنتظر ايضا لمعرفة حقيقة ميزان القوى داخل الحكومة، وتوجهات الاكثرية التي تثير بعض المخاوف الخارجية وخصوصاً بعد الخطاب الاخير للسيد حسن نصرالله.

وتعتبر هذه المصادر ان زيارة لوزير الخارجية جان - ايف لو دريان قد تسبق اي زيارة للرئيس الفرنسي، من أجل تحديد الخطوط العريضة لبرنامج الزيارة وشكلها مع السلطات اللبنانية، فيما تكون وزارتا الخارجية اللبنانية والفرنسية اتفقتا على الملفات التي ستكون مدار بحث في الزيارة، بالتوافق مع رئاستي الجمهورية والحكومة، تبعاً لطبيعتها وما إذا كانت زيارة دولة او زيارة عمل.

وبعد تحديد تاريخ هذه الزيارة وشكلها يجري وفق المصادر، تحديد الملفات الثنائية للبحث والوفود المشاركة. وهذا يعني ان الزيارة ليست في القريب العاجل، بل بعد أشهر، وخصوصاً أن الرئيس الفرنسي يواجه حاليا مشاكل اجتماعية داخلية، وستبدأ الانتخابات الاوروبية التي قد تشكل منعطفا خطيرا في السياسة الداخلية الفرنسية في حال خسارته وحزبه.

ولا تستبعد قيام الرئيس سعد الحريري بزيارة لفرنسا قد تسبق زيارة ماكرون للبنان. ولكنها توضح ان الملحّ الآن بالنسبة الى باريس، هو السير بالإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية المطلوبة. وتعتبر انه يعود الى حكومة الحريري وضع برنامجها الاصلاحي قيد التنفيذ، قبل قيامه بزيارة باريس، اي تحريكه العمل الاصلاحي، وهو الأمر الملحّ بالنسبة الى الادارة الفرنسية.

وفي الاشهر الفاصلة عن تاريخ الزيارة، قد تقوّم باريس الاداء الحكومي وتنفيذ الحكومة الشروط التي وضعتها باريس لمساعدتها. ولا تزال باريس تعمل بحسب الرئيس الفرنسي، بـ"روحية الشركة والصداقة التي تجمع بين البلدين. وستواكب لبنان على طريق الاصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، كما وقفت الى جانب الشعب اللبناني ومسؤوليه من اجل توفير شروط هذا التشكيل".