خذوني إلى متحف مونمارتر لأنه يستحق الزيارة

باريس – أوراس زيباوي

يعتبر حي مونمارتر في الدائرة الثامنة عشرة في باريس من أجمل أحياء العاصمة الفرنسية، بموقعه الجغرافي وعمارته المميزة، وهو يستقطب ملايين السياح سنويا ويضم متحفا يحمل اسمه. إنه متحف رائع يقع في مبنى تاريخي ريفيّ الطابع ويحوي حدائق مطلّة على حقل لزرع العنب. المتحف سيكون هذه السنة تحت الضوء.

للترويج لهذا المتحف الذي لا يعرفه الكثيرون من الذين يزورون الحي، عقد في مقرّ المتحف مؤتمر صحافي للتعريف بأهدافه وبأنشطته الجديدة. تأسس المتحف في العام 1960 وهو يركز على النشاطات التي تروي تاريخ مونمارتر من خلال المعارض الفنية والوثائق والصور. في البداية كان لا بد من التذكير بأن حي مونمارتر ضُمّ الى باريس في العام 1860 في زمن البارون هوسمان الذي كان محافظا للمدينة في الفترة الممتدة ما بين العامين 1853 و1870، قام خلالها بمشاريع عمرانية هائلة أعطت العاصمة الفرنسية طابعها الفريد الذي حافظت عليه الى اليوم. أما حي مونمارتر فكان من الأحياء الريفية والشعبية التي يسكنها العمال والفقراء، لكن الأمور تبدلت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر مع انتشار المسارح والملاهي والمقاهي والمحترفات الفنية التي أقام وعمل فيها عدد من الفنانين الذين صار بعضهم يتمتع بشهرة عالمية، كالفرنسي أوغوست رونوار والاسباني بابلو بيكاسو. وهذا الأخير خصص له المتحف في العام 2014 معرضا بعنوان "بيكاسو في مونمارتر" ضم صفحات من رواية مصورة صدرت في كتاب بعنوان "بابلو"، وقد احتوت على صفحات من سيرته عندما أقام في مونمارتر في مطلع القرن الماضي وكان، وهو لا يزال في العشرين من عمره، فنانا مجهولا يعاني من العزلة بسبب الاغتراب والفقر.

سيطلق مجموعة مهمة من النشاطات تستمر على مدار السنة أولها معرض للتعريف بنتاج الفنان الفرنسي جورج دورينياك الذي توفي في العام 1925 وكان في السادسة والأربعين من عمره، وهو عُرف برسومه المنفذة بتقنية عالية التي تشهد على تنوع أساليبه ونهله من أساليب مختلفة، قديمة وحديثة، منها المدرسة الانطباعية والفنون البيزنطية. وعلى الرغم من متانة رسومه التي يهيمن عليها اللون الأسود، ومن خصوصية أعماله الملونة، لم يلقَ دورينياك بعد وفاته المكانة التي يستحقها. ويهدف المعرض الجديد الى إعادة الاعتبار إليه مع الإشارة الى أنه أقام في مونمارتر في العام 1900 مع حبيبته سيلين ونهل من أجواء الحي.

الهدف هو أن يستعيد المتحف باستمرار، أجواء الحي الذي ألهم الشعراء والفنانين والسينمائيين من جنسيات مختلفة ومنهم المخرجون الأميركيين كجون هيوستون الذي أخرج في العام 1952 فيلم "مولان روج" أو "الطاحونة الحمراء" وروى فيه سيرة الفنان التشكيلي الفرنسي تولوز لوتريك الذي خلّد في رسومه راقصات ملهى المولان روج في حي مونمارتر. ولا يزال هذا الملهى قائما الى اليوم ويعدّ من معالم الحي الأساسية.