"أزمة مالية في القطاع السياحي"... والمطلوب: سياسة سياحية متكاملة

ودّع لبنان السياحة منذ سنوات، ورغم المحاولات مؤخراً لإعادة تنمية هذا القطاع، إلا أنه لا يزال يعاني تداعيات الانهيارات السابقة، إضافة إلى ان المحاولات خجولة لا ترتقي إلى حجم الأضرار الموجودة. وتعقيباً على ذلك، صرّح رئيس لجنة السياحة في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والأمين العام لنقابة أصحاب الفنادق وديع كنعان، أن "القطاع السياحي يواجه أزمة مالية تسببت في إقفال عشرات الفنادق خلال السنوات العشر الأخيرة وغيرها الكثير مهدد بالإقفال نتيجة تراكم المستحقات المصرفية"، لافتاً إلى ان الأسباب تعود بمجملها الى التقلبات السياسية الإقليمية من جهة، وغياب سياسة سياحية تضمن إنتاجية القطاع واستمرارية المؤسسات من جهة أخرى".

وأشار إلى أن "السنوات المقبلة ستشكل مرحلة دقيقة على صعيد الاستثمار السياحي، علما أن العديد من الفنادق الجديدة التي أبصرت النور في الفترة الأخيرة هي في غالبيتها بيوت ضيافة وبعض المؤسسات المتوسطة والصغيرة والتي لا تحقق بنى تحتية سياحية قادرة على استيعاب أسواق سياحية كبيرة". وأكد أن "هدفنا اليوم تحقيق مشروع السياسة السياحية لتحفيز الاستثمار في القطاع السياحي لإعادة فتح أبواب الفنادق التي أرغمت على الاستسلام للاستحقاقات المالية، والمحافظة على العدد الحالي للغرف، مع خلق حوافز جديدة للاستثمار في مؤسسات سياحية كبيرة، وصولا إلى استقطاب أسواق جديدة قادرة على النهوض بالاقتصاد اللبناني".

وفي توضيح خاص لـ"النهار"، أشار كنعان إلى ان "القطاع السياحي في لبنان يعاني منذ 20 سنة، وكان الدين العام حينها نحو 3 مليارات دولار، قبل أن يصل الى 80 ملياراً الآن . ومنذ نحو 17 سنة، بدأ عدد من المؤسسات السياحية بالاستسلام للأعباء المالية والديون المصرفية المتعثرة، ما أوصل هذه المؤسسات إلى إقفال أبوابها. علماً ان غالبية هذه المؤسسات فتحت ابوابها قبل أقل من 25 سنة، اي انها لم تصمد اكثر من 10 سنوات قبل ان تنهار".

وشدد على ان "السياحة في لبنان تمر في وضع دقيق وهو مهدد للمرة الثالثة. فالمرة الاولى، كانت خلال الحرب الاهلية، حيث خسر القطاع الفندقي 204 فنادق، 74 منها في بيروت، بلغ عدد غرفها 2461 غرفة، أي 38 في المئة من مجمل غرف الفنادق في لبنان آنذاك. اما المرحلة الثانية، فكانت بعد مرحلة إعادة الإعمار، فأقفلت عشرات الفنادق. وبالتالي، فإن نتيجة التقلبات السياسية الإقليمية وغياب سياسة سياحية، لم تتمكن هذه المؤسسات من الصمود".

أما المطلوب حالياً بحسب كنعان، فهو "تحقيق سياسة سياحية متكاملة، تعتمد على واقعنا الاقتصادي والاجتماعي، والسياسي والامني والسياحي. وتهدف إلى إعادة جدولة القروض المتعثرة بفوائد مدعومة، لتمكين المؤسسات من اجتياز هذه الفترة. مع الافساح في المجال لإعادة ضخ رؤوس الأموال في المؤسسات المهددة او التي اصبحت ملكيتها للمصارف. كما ان المطلوب العمل على خلق حوافز لتشجيع الاستثمار في البنى التحتية السياحية ضمن مقاصد سياحية محددة".

لا يمكن إنكار الدور الذي تضطلع به وزارة السياحة من جهة والشركات السياحية من جهة أخرى من أجل تنشيط هذا القطاع في لبنان. واللافت في الأمر ظهور مجموعات ومنظمات تُعنى بالرحلات الداخلية لها فضل كبير على تعريف اللبنانيين والأجانب على البلاد. وفي حديث سابق لرئيس نقابة المطاعم والفنادق في لبنان بيار الأشقر مع "النهار"، كشف عن التحسن في هذا القطاع مقارنة بالعام الماضي والذي بلغت نسبته 7 في المئة في مداخيل المعنيين، معتبراً أن "المطلوب نمو بنسبة 50 في المئة لنعود الى أسعار العام 2009 و2010، خصوصاً أنّ الدراسات والاستثمارات تتطلب رقماً مماثلاً ووُضعت على أساسه".

وعلى الرغم من تراجع نشاط القطاع السياحي في لبنان حالياً، فقد ارتفعت عائدات السياحة في لبنان لتبلغ 7,6 مليارات دولار في العام 2017، مسجلة بذلك ارتفاعاً بنسبة 8 في المئة عن 7 مليارات دولار في العام 2016، وانخفاضاً بنسبة 4,8 في المئة عن 8 مليارات دولار في العام 2010، بحسب الأرقام الصّادرة عن منظمة السياحة العالمية في الأمم المتحدة (United Nations World Tourism Organization)، بانتظار أرقام العام 2018!

اقرأ أيضاً: عائدات السياحة ارتفعت 8% إلى 7,6 مليارات دولار في 2017