الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

عشّاق أدونيس يتهافتون للقائه في معرض بيروت الدولي للكتاب: الشعوب حاضرة على قدر ما تُبدع

مارلين سعاده
عشّاق أدونيس يتهافتون للقائه في معرض بيروت الدولي للكتاب: الشعوب حاضرة على قدر ما تُبدع
عشّاق أدونيس يتهافتون للقائه في معرض بيروت الدولي للكتاب: الشعوب حاضرة على قدر ما تُبدع
A+ A-

في إطار معرض بيروت الدولي للكتاب 2018، دعت "دار الآداب" وقناة "الميادين" الى ندوة مع الشاعر #أدونيس، لمناسبة إطلاق كتابه "هذا هو اسمي... أدونيس". غصّت القاعة بالحضور من دكاترة ورجال فكر وإعلاميّين وطلاب جامعيّين وتلامذة مدارس، من مختلف الجنسيّات والأعمار. أدار الحوار بيار أبي صعب الذي سبق وقدّم سلسلة توثيقيّة حواريّة مع أدونيس، بُثّت عبر "الميادين"، ثمّ جُمعت على شكل مدوّنة في الكتاب موضوع الندوة، كما أُرفق بالكتاب قرصٌ مدمّج يتضمّن الحلقات التوثيقيّة.

جرى تصوير الندوة على شكل حلقة تلفزيونيّة، ليتمّ عرضها لاحقًا، وقسمت الى جزءين: الجزء الأوّل يتضمّن حوارًا بين بيار أبي صعب وأدونيس، جاء بمثابة ملخّص لما ورد في الحلقات المعروضة سابقًا. بينما خُصّص الجزء الثاني للإجابة على أسئلة الحضور، وكانت عديدة ومتنوّعة، علمًا أنّ عددًا منها جاء على هيئة مداخلات لا تتضمّن أيّ سؤال مباشر، وإنّما تقتصر على عرض أفكار وتسجيل مواقف خاصّة بالمتحدّث عنها، ما حرم الكثير من الحاضرين من طرح ما لديهم من أسئلة لضيق الوقت.

منذ بداية الجلسة أعلن أدونيس عن فشله في التوقّف عن كتابة الشعر، معتبرًا أنّ الشعر كالحب، فكما يأتي الحبّ من دون استئذان ولا يمكن التوقّف عنه، هكذا هي حاله مع الشعر.

ثمّ توقّف عند القصيدة التي أطلق عليها اسم الرقيمة، مشيرًا الى أنّ علاقته الوثيقة بعدد كبير من الرسّامين، هي التي دفعته الى ممارسة هذا الفن، وشجّعته عليه. ولكنّه، في البداية، حين أعاد النظر في ما صنعه، مزّق كلّ ما أنجزه خلال سنة كاملة. إلّا أنّه ما لبث أن أعاد التجربة ثانية، مُطلقًا على عمله اسم "الرقيمة"، هذه العبارة التي اعتبرها تؤدّي المعنى المقصود أكثر من كلمة Collage. وهنا سرد طرفة حدثت معه حين عرض رسومه على شاعر صديق له من دون أن يخبره أنّها له، فأُعجب بها وأبدى رغبته بمعرفة صانعها، فوعده بتعريفه به في الأسبوع المقبل. ولكن حين زاره هذا الشاعر بعد أسبوع، بقي منتظرًا الصديق المزعوم من دون أن يأتي. وحين ضاق ذرعًا من الانتظار أخبره أدونيس بالحقيقة، وبأنّه هو صاحب الرسوم، عندها قال له: يجب أن تقيم معرضًا. وهكذا كان.

في الجزء الثاني من اللقاء، المخصّص للإجابة على أسئلة الحاضرين، أظهر أدونيس رحابة صدر وعمق فكر، كما بدا سعيدًا بهذا التفاعل. من بين الأسئلة العديدة التي طُرحت عليه، قال ردًّا على سؤال حول موقع الحركة الشعريّة العربيّة اليوم: لدى العرب مواهب شعريّة لا تقل أهمّيّة عن مواهب باقي الشعراء في العالم، كما لدينا نتاج شعريّ مهمّ أيضًا. ولكنّ العرب هم أجهل الشعوب بتذوّق الشعر. أزمة الشعر هي في المجتمع وثقافته وليست في الشعر بحدّ ذاته.

أمّا عن قيمة الفكرة في النص الشعري، فقال: لا توجد فكرة في القصيدة، هي حالة وفيها جملة مشاهد، يمكن أن تتحوّل الى جملة أفكار يتوالد بعضها من بعض. الفكرة حين نسخّر لها القصيدة تأتي خالية من الشاعريّة، لا قيمة لها. على الفكرة في القصيدة أن تأتي كالعطر للوردة، حيث تأتي الرائحة نظريًّا منها، ولكن عمليًّا لا علاقة لها بها، كقول أبو تمّام: "مطرٌ يذوب الصحو منه...".

وأضاف: "أحد مقاتل الشعر العربي هو الفكرة التي أثّر عليها الدين، إذ حُوِّل الشعر الى مجرّد أداة لنقل الأفكار". كما تحدّث عن الشعر السياسي، معتبرًا أن الشاعر يختصر تاريخ بلاده، وليس الزعيم السياسي، فالشعراء هم الذين يعبّرون عن تاريخ الشعوب الذي يُراز بالإبداع. وليكون الإنسان مبدعًا عليه أن يخرج من جميع القوالب ويخلق تجربته الخاصّة، إلا أن هويّة العربي اليوم هي التبعيّة، نحن عباقرة في التبعيّة، ويُراد لنا أن نحلم الحلم نفسه! ثقافتنا اليوم قائمة على تقاليد ووراثات، إضافة الى ما استعرناه من الغرب.

وخلص الى القول: إنّ الشعوب حاضرة على قدر ما تُبدع، ليس من أجل بنائها هي، بل من أجل بناء العالم.

لا يمكن أن نختصر كلّ ما قاله أدونيس، لقد شرح واقع العرب، وكيفية قراءتهم للدين، أو فهمهم لما كُتب، ومدى صدقية بعض ما كُتب... كان حاضرًا لجميع الأسئلة، يجيب ببسمة ومودّة. شرح بعض النقاط مطوّلا، أعطاها وقته، ولكن الرغبة في سماعه كانت أوسع من الوقت، والحاجة للتعبير عن الفرح به كانت أكبر من المساحة الزمنيّة المخصّصة للقاء. لذا رُفعت الجلسة على مضض، إذ امتعض كثير من الحاضرين لعدم تمكّنهم من عرض ما لديهم والاستماع الى رده على اسئلتهم، فاستعاض الكثير منهم عن الكلام باقتناص تحيّة وداع، بسلام أو بصورة وابتسامة. وابتعد كثيرون من دون أن يحظوا بهذه أو تلك، مكتفين بما نالوه من متعة اللقاء الخاطف به.

هناك من قال: "لم نسمع جديدًا من أدونيس". ومنهم من سمعه للمرّة الأولى، وقال: "تُرى متى يفهمك العرب يا أدونيس؟ متى يحطّمون قيودهم، ويرفضون التبعيّة، ويعبّر كلّ واحد منهم عن نفسه بحرّيّة؟".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم