لماذا نتنهد؟... لغز حيّر علماء العالم!

حسام محمد

جميعنا يتنهد يومياً وبمعدل لا بأس به، حيث تعرف التنهيدة على أنّها نفس عميق، يصدر صوتاً عند الزفير، ويعد الدماغ الجهاز المسؤول عن برمجة هذه الوظيفة علمياً، وهي الوظيفة التي تشكل لغزا حير العلماء.

وترافق التنهيدة غالباً ما نوعاً من المشاعر المتعلقة باليأس والتعب وبعض الذكريات، كما أنها تستعمل عند التواصل مع الآخرين، أو في حالة عدم معرفتنا ما سيحدث مستقبلا، أو للإشارة إلى أن ما يقال أمر مسبب للملل والضجر. وتوجد أنواع كثيرة من التنهد، إلا أن العلماء أكدوا أنها جميعا مرتبطة بعوامل عاطفية، كما أن لها وظائف فيزيولوجية بحتة.

حقيقة التنهد فيزيولوجياً!

يعمل التنهد بشكل أساسي على تضخيم الحويصلات الهوائية، التي هي عبارة عن أكياس يقدر عددها بالملايين في الرئتين والتي تتمثل مهمتها في تزويد الدم بالأكسجين وتنقيته من ثاني أكسيد الكربون.

من جانب آخر، رغم أن التنفس حركة غير إرادية وتلقائية، فإن النسق الطبيعي للتنفس غير كاف لإبقاء الجسم على قيد الحياة. ولهذا السبب، نتنفس من وقت إلى آخر بعمق، في حركة شبيهة في غالبية الأحيان بالتنهد.


وتشير التقديرات إلى أن البشر يتنهدون بمعدل مرة كل خمس دقائق، حيث معدل التنهد إلى اثنتي عشرة مرة خلال الساعة الواحدة.

فئران تحت التجربة!

أجرى مجموعة من العلماء دراسات طبية عدة حول التنهد، وشملت حوالي 40 فأرا (وهي حيوانات تتنهد بمعدل 40 مرة في الساعة)، توصلت إلى تحديد أجهزة الجسم التي تتحكم في عملية التنهد وتتولى مهمة برمجته.

وتوصل العلماء إلى أن نوعين من الجزيئات تعرف باسم نيروبيبتيد مسؤولان عن التواصل مع الخلايا العصبية التي تعمل على تنشيط عملية التنهد.

علاوة على ذلك، بمجرد تعطيل عمل جزيء نيروبيبتيدي انخفض معدل التنهد لدى الفئران، وتوقفت حركة التنهد بالكامل عند تعطيل عمل هذين الجزيئين.

وبفضل هذا الاكتشاف حددت المنطقة المسؤولة عن وظيفة التنهد، والتي تتمثل في منطقة جذع الدماغ. ومن هذا الاستنتاج يمكن إيجاد طريقة للتحكم في هذا النوع من التنفس العميق المفيد للجسم.

وتوصل العلماء إلى أن معدل التنهد يرتفع خلال حالات الإجهاد، على عكس حالات الاسترخاء. كما عمل الباحث في جامعة أوسلو في النرويج كارل تيجن على دراسة المواقف التي يتنهد خلالها البشر وكيفية تقييم الأطراف المقابلة لهذا النفس العميق.

ليس شكلاً من التواصل!

وتوصل الباحث إلى أن العديد من المشاركين يربطون التنهد بالمشاعر السلبية مثل الملل أو الإحباط. كما توصل تيجن إلى أن التنهد ليس شكلا من أشكال التواصل، لأن الأشخاص الذين شملتهم الدراسة تنفسوا بالمعدل نفسه سواء كانوا محاطين بأشخاص أو كانوا وحيدين. وعند الرغبة في التواصل عبر التنهد، رافقت هذه الحركة إيماءات أخرى أو كانت بشكل أكثر عمقا.