دراسة تكشف أخيراً لماذا نشعر بأننا مشغولون طوال الوقت!

جاد محيدلي

عند تحدثكم مع شخص ما أكثر ما تسمعونه هو أن مشاغل الحياة كثيرة، حتى أنتم أنفسكم تشعرون بأن الوقت يداهمكم دائماً والـ24 ساعة لا تكفيكم، لكن وإن فكرنا ملياً نجد أننا نملك بالتأكيد أوقات فراغ عديدة خلال النهار، لا بل كثيرون منا لا يقومون بأي شيء مفيد ونافع لساعات طويلة، لكن وعلى الرغم من ذلك نشعر بأننا مشغولون طوال الوقت. فما السبب؟ تقترح الفرضيات الرائدة أن اللوم يقع على التغيير في نمط الحياة، أكثر من كونه ساعات العمل الإضافية. بعد كل شيء، تقول العديد من الدراسات والتقارير أن معظمنا يعمل لساعات أقل من ذي قبل، وأننا نأخذ عُطلًا أكثر أيضاً.

أشارت دراسة حديثة نُشرت في مجلة "علم النفس الاجتماعي"، أنه لا توجد إجابة مؤكدة حول ما يشعر به الإنسان في عصرنا هذا، ولكن يبدو أن اعتمادنا الكبير على التكنولوجيا، على الصعيدين الشخصي والمهني، يجعل الأمور تبدو وكأنها عصيبة، حتى عندما لا يجب أن تكون كذلك. فالكمية الهائلة من المعلومات بالإضافة إلى الطريقة التي تبقينا الهواتف الذكية بها على تواصل مع بعضنا البعض في جميع الأوقات، تعد كلها من أسباب عدم قدرتنا على الاسترخاء بقدر ما يجب. وبحسب الدراسة فإنه نتيجة التحميل الزائد للمعلومات، تشوشت الحدود بين أوقات العمل وأوقات الراحة فحتى عندما لا نعمل، نشعر أننا كذلك.

وبحسب عالمة النفس إيفا ماكلوغلين من جامعة "جيمس كوك" في سنغافورة، فإن استخدام الأدوات المعاصرة كالهواتف الذكية يمكنه أن يجعل الوقت يبدو وكأنه يمر بسرعة أكبر، فقالت: "يبدو أن هناك شيئاً ما في التكنولوجيا نفسها يدفعنا إلى تحفيز جهاز تنظيم ضربات القلب الموجود بداخلنا والذي يقيس سرعة مرور الوقت والتي ربما للزيادة المفرطة في خيارات الترفيه أثر أيضاً، مثل وجود العديد من المواقع والتطبيقات وتعدد أماكن للخروج من المنزل، كثرة الكتب والأفلام والمسلسلات، كلها تجعلنا نملك وقتاً أقل من الفراغ، حتى ولو كان العكس صحيحاً".

وبحسب الدراسة يوجد سبب آخر محتمل لشعورنا بالانشغال طوال الوقت وهو أن الانشغال مرتبط بالنجاح والاكتمال في معظم المجتمعات المعاصرة. بسبب ذلك، فإننا في الغالب نملأ وقتنا لنظهر للآخرين ونقنع أنفسنا بأن حياتنا على المسار الصحيح، وأننا أحسن وضعاً ممن هم حولنا. حتى إن بعض الدراسات أظهرت أننا نفضل أن نكون مشغولين والمشكلة في الشعور بالانشغال الزائد تكمن فيما يدعوه "عالمنا اللانهائي" في جوهر الكلام، الكثير منا انتقلوا من العمل في ميادين ومعامل لعدة ساعات في الاسبوع إلى حياة نتفقد فيها بريدنا الإلكتروني طوال الوقت والضغط للمرور بكمية لانهائية من العمل وكمية لانهائية من خيارات الترفيه يشعرنا بضغوطات ومضايقات أكثر من أي وقت مر لدرجة أننا بتنا لا نشعر بالوقت وساعات النهار لا تكفيها.