كارلوس غصن ينفي التهم... وعريضة لبنانية للتحرك من أجله

"مضت أيام على اعتقال المواطن اللبناني #كارلوس_غصن والحكم عليه قبل مثوله أمام المحكمة.

القضاء الياباني، الذي يُطبّق على الأرجح قوانينه الخاصة التي تمنع المحامين الذين يتوكّلون عن المتهم من التواجد معه أثناء استجوابه، ذهبَ بعيداً جداً في ممارساته التعسّفية.

هل علينا أن ننتظر إعدام المواطن اللبناني كارلوس غصن من دون محاكمة قبل أن تتحرك السلطات اللبنانية وتطالب اليابان رسمياً بالإفراج عنه؟

لم يتمكّن السفير اللبناني لدى اليابان من لقائه، بتكليف من وزير الخارجية اللبناني، وقد مُنِع عنه أي اتصال مع العالم الخارجي.

إنه مسجون في زنزانة من خمسة أمتار، في سجن يضم معتقلين ومجرمين وإرهابيين.

نطالب بأن يتوجّه وفدٌ رسمي رفيع المستوى إلى اليابان بأسرع وقت ممكن للاطلاع على ظروف اعتقال المغترب اللبناني ورجل الأعمال اللامع المعروف بخصاله ومزاياه العظيمة".

السطور الآنفة تمثّل نص عريضة يتداولها ناشطون لبنانيون لحث الجهات المعنية بالتحرك الفعال من أجل متابعة قضية غصن الذي نسب اليه اليوم، ولأول مرة منذ اعتقاله، نفيٌ للتهم الموجهة اليه بالتهرب الضريبي واساءة استخدام النفوذ.

وكان وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أعطى توجيهاته لسفير لبنان في طوكيو نضال يحيى، بضرورة اللقاء بغصن "للاطلاع على حاجاته والتأكد من سلامة الاجراءات المتخذة والحرص على توفير الدفاع القانوني له ليتسنى له عرض ما يمتلكه من وقائع وأدلة وفرصة حقيقية للدفاع عن نفس".


نية الاخفاء

وقال تلفزيون (إن.اتش.كيه) الرسمي الياباني إن غصن، الرئيس السابق لشركة نيسان نفى التهم المنسوبة إليه.

ونقل عن غصن قوله للمحققين إنه "لم يكن ينوي إخفاء جزء من مكافأته في الوثائق المالية"، مشيراً الى ان جريج كيلي المسؤول التنفيذي السابق في نيسان الذي اعتقل مع غصن دافع عن المكافأة التي منحت للأخير بأنه "جرى بحثها مع مسؤولين آخرين ودفعت بشكل مناسب".

وكان غصن الذي يحمل الجنسيات الفرنسية واللبنانية والبرازيلية أوقف في اليابان الاثنين الماضي للاشتباه بعدم إعلانه عن كامل دخله كرئيس مجلس إدارة شركة نيسان، وبأنه أخفى منه ما يوازي خمسة مليارات ين بين حزيران 2011 وحزيران 2015.

وأقيل غصن من رئاسة مجلس ادارة شركة نيسان، الا أنه لا يزال يحتفظ بادارة رينو.


انقلاب؟

وبعد أيام من صدمة اعتقال غصن بات بعض المحللين يتكلم عن احتمال أن يكون قد حصل "انقلاب" من شركة نيسان على غصن، بهدف إعادة النظر في الشراكة بين الشركات الثلاث (نيسان-رينو-ميتسوبيشي) لجعلها أكثر توازناً.

لذلك تكثفت التصريحات أكان في باريس أو في طوكيو لدعم الشراكة بين الشركات الثلاث التي كانت تعاني أصلاً خلافات ساهم توقيف غصن في تسليط الضوء عليها.

والمعلوم أن رينو تملك 43% من نيسان التي لديها من جهتها 15% من رينو (ولكن من دون حق تصويت) و34% من ميتسوبيتشي. وباتت السلطة بيد رينو منذ أنقذت منافستها اليابانية من الافلاس عام 1999، مع العلم أن قيمة نيسان اليوم في البورصة تبلغ ضعف قيمة رينو.

وكان وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير قد أكد التمسك "بالحفاظ على التحالف بين رينو ونيسان لما فيه مصلحة الفرنسيين واليابانيين على السواء".

وتملك الدولة الفرنسية 15% من رينو وهي معنية تماما بمستقبل الشراكة مع نيسان، الشركة التي لغصن الفضل في انقاذها من الافلاس.



مواقف لافتة

وفي الآونة الاخيرة، صدرت مواقف سياسية لافتة عن غصن، اذ تحدّى واشنطن خلال الصيف، بقوله إن شركة "رينو" لن تنهي وجودها في ايران، على رغم إعادة فرض الولايات المتحدة عقوبات ضد الجمهورية الإسلامية.

وأبلغ الى المساهمين في الشركة خلال اجتماع للجمعية العامة في باريس "أننا لن نتخلى عن وجودنا. لكن إذا اضطررنا لتقليص نشاطنا سنحتفظ بوجود محدود لاننا مقتنعون بأن… هذه السوق ستُفتح من جديد في وقت ما، وإن بقاءنا في ايران سيمنحنا بالتأكيد أفضلية".

وتتمتع "رينو" بحضور قوي في إيران حيث تتخطى مبيعاتها 160 ألف سيارة سنوياً، كما بلغ مجموع مبيعات الشركة في العالم 3,76 مليون سيارة.

Mr.Seven-Eleven

في كتابه عن اليابان والذي خصص فيه فصلاً عن كارلوس غصن، يذكر سفير لبنان السابق في اليابان سمير شمّا ان "اليابانيين أطلقوا على غصن لقب Mr. Seven – Eleven، إذ دعا أمّة المدمنين على العمل حتّى الإرهاق (ضحايا الـ Karoshi) إلى العمل من السابعة صباحًا حتّى الحادية عشرة ليلاً. فأن يرضى اليابانيّون بالاستعانة بـ Gaijin (كلمة متداولة في ثقافتهم تعني الغريب) لإنقاذ شركة نيسان العملاقة من الإفلاس لم يكن قرارًا سهلاً لدى أمّة ربيت على الحذر من الأجانب والتشكيك بهم مضافة إلى تباهِ بقدراتها الذاتيّة وعزتها القومية والتي بها تحقّقت معجزتها الاقتصاديّة، وبذلك يكون كارلوس غصن قد اخترق إحدى المحرّمات اليابانيّة".

ورأى نوبوو تاناكا (Nobuo Tanaka) نائب رئيس المعهد الحكوميّ للدراسات الاقتصادية أنّه "بلغ من تقدير اليابانيّين لعطاءات كارلوس غصن وإنجازاته حد اعتباره بطلاً قوميًّا". وأضاف: "لنحقّق إصلاحات جذريّة نحن بحاجة إلى من هو آتٍ من خارج النظام اليابانيّ كمثل كارلوس غصن أو كمثل رئيس الحكومة اليابانيّة كويزومي الآتي من خارج الحلقة التقليديّة للسياسيّين"(16).

يقول كارلوس غصن "علَّمتني اليابان بأن أكون حذرًا وأن أعطي وزنًا لكلّ كلمة أنطق بها".

ويعترف يابانيون أنه ساعدهم على تغيير منهجيّة العمل التي اتسمت دومًا بالبطء الشديد في اتّخاذ القرارات، "فقد أدهش اليابانيّين حيثما حلّ فدعوه ساموراي الحداثة"، كما ورد في كتاب السفير شمّا.



داخل القضبان

من حقق كل هذه الانجازات لم يكن يتوقع أن يصبح وراء القضبان، وأن تستبدل حياة الترف والطائرات الخاصة بروتين يومي في سجن شمال طوكيو يبدأ بنصف ساعة رياضة، فاستحمام، فثلاث وجبات يومية، كما ذكرت وكالة "بلومبرغ".

أما زيارات العائلة، فتقتصر على ربع ساعة لزوجته وبحضور الشرطة حيث يشترط الحديث باللغة اليابانية، وفق القانون.

وكانت السلطات اليابانية أعلنت الأربعاء تمديد الحجز الاحتياطي لغصن عشرة أيام، في حين أفادت تقارير أن مجموعة السيارات العملاقة يمكن أن تتعرض لملاحقات قضائية.

وأفادت مصادر قانونية إنه قد يتم تغريم غصن بـ10 ملايين ين وسجنه عشر سنوات لعدم إفصاحه عن كامل دخله، علماً ان تنفيذ الحكم ليس أكيداً.

المقلق بالنسبة للمقتنعين ببراءة غصن، ان اغلب الاحكام في المحاكم اليابانية تسير لصالح جهة الادعاء. من هنا، يرون أهمية التحرك للضغط المحصن بشبكة دفاع قادرة على التصدي للادعاء صاحب النفوذ.


[[embed source=instagram id=https://www.instagram.com/p/BqlTEUklD9q]]