"سنعيش الإثنين 7 دقائق من الرعب"... "إنسايت" يهبط على المريخ لرصد اهتزازاته

يهبط مسبار على سطح #المرّيخ الاثنين. هو الأول الذي يرصد ما في باطن الكوكب من اهتزازات، وقد صممته #وكالة_الفضاء_الفرنسية.

عند الساعة 19,47 مساء الاثنين ت غ، يدخل المسبار "#إنسايت" الغلاف الجوي للكوكب الأحمر، ويهبط في أحد السهول على سطحه، بعد رحلة من ستّة أشهر وأسبوعين قطع فيها مسافة 480 مليون كيلومتر.

وهذه الرحلة إلى المريخ هي الأولى منذ عام 2012، حين هبط المسبار الأميركي "كوريوسيتي" على سطحه. وما زال يعمل إلى الآن في البحث عن أي أثر لحياة قد تكون ظهرت هناك في الماضي السحيق.

والولايات المتحدة هي البلد الوحيد الذي نجح حتى الآن في إنزال مركبات ومسبارات على سطح المريخ. أما المحاولات التي قام بها السوفيات والأوروبيون، فقد باءت بالفشل.

وقال توماس زوربوشين، المسؤول العلمي في وكالة الفضاء الأميركية: "الهبوط على كوكب المريخ أمر صعب جدا".

ويستغرق الوقت بين دخول الغلاف الجوي والهبوط على السطح 6 دقائق تبقى خلالها أنظار العلماء شاخصة إلى شاشاتهم.

وقال جان إيف لو غال، مدير وكالة الفضاء الفرنسية، لوكالة "فرانس برس": "سنعيش الاثنين سبع دقائق من الرعب".

وتهبّ على سطح المريخ حاليا عواصف رملية. لكن ذلك لن يحول دون تنفيذ الهبوط، لأن الدرع الواقي للمسبار قويّ جدا.

وقال توم هوفمان، المشرف على هذه الرحلة في وكالة الفضاء الأميركية: "سيدخل المسبار في الغلاف الجوي للمريخ مثل الصاروخ. لا يمكن أن نعدّل شيئا في ذلك".

وتفيد دراسة باطن المريخ في فهم تاريخه. فكلّ ما توصّل إليه العلم عن تاريخ كوكب الأرض كان بفضل دراسة باطنه بواسطة أجهزة رصد الاهتزازات.

وكوكب المريخ مثل الأرض، أي من الكواكب الصخرية، وليس الكواكب الغازيّة. وقد تشكّل هذا النوع من الكواكب من المواد نفسها التي تتكوّن منها الكويكبات أيضا، وكانت تلك المواد سحباً هائمة في الكون تجمّدت شيئا فشيئا، وصارت كتلا صخرية عملاقة.

وفي نواة الكوكب الملتهب، تتفاعل المواد وتتحوّل عناصر جديدة.

لكن إذا كانت الكواكب كلها تشكّلت من المواد نفسها، فلماذا يختلف حال الكواكب، بين الأرض ذات اللون الأزرق، وعطارد الرمادي القاتم غير المناسب لأي شكل من أشكال الحياة، والمريخ البارد والأحمر مع غلاف جوي أقل كثافة بمئة مرة من غلاف الأرض؟ ولماذا يخلو المريخ مثلا من الصفائح التكتونية؟

يتيح الإنصات إلى ما يجري في باطن المريخ الإجابة على هذه الأسئلة، والتفضيل بين النظريات المتعددة حول تشكّله.

وسيعكف جهاز رصد الزلازل على الإنصات إلى ما يجري من حركة باطنية، ويرصد الموجات الناجمة عن ارتطام النيازك المتكرر على سطح المريخ، وتفسّخ الطبقات، والاهتزازات تحت السطح، وصولا إلى تلك الاهتزازات البسيطة الناجمة عن جاذبية قمره الصغير فوبوس.

ومع أن براكين المريخ خمدت منذ وقت طويل، غير ان "من الممكن أن نستمع إلى صوت حركة الحمم في الباطن السحيق له"، على ما تقول سو سمريكار، المسؤولة في الفريق العلمي، لوكالة "فرانس برس". 

وتجتاز الموجات المنبثة من باطن الكوكب طبقاته، فتتكسّر وتتغيّر وتتباطأ سرعتها أو تتسارع، وتصل إلى الجهاز كأنها أصوات موسيقية متعددة. وهي بذلك تساعد العلماء على رسم خريطة داخلية للمريخ، وربما التوصّل إلى حلّ لسؤال قديم: هل نواة المريخ سائلة أو صلبة؟ وما سماكة الطبقات الداخلية وتكوينها؟

ومن الأجهزة على متن المسبار "أتش بي 3"، وهو جهاز من صنع ألماني يرصد التدفّق الحراري المنبعث من باطن الأرض.

وتوجهت أنظار العلماء في الأعوام الماضية إلى كوكب المريخ لكونه أقرب الكواكب إلى الأرض، وأيضا لأن خلوّ باطنه من الصفائح التكتونية يعني أن الكوكب حافظ على تكوينه الأساسي، بخلاف كوكب الأرض.

وفي حال جرت الأمور على ما يرام وهبط المسبار بسلام، سيُدرك ذلك العلماء في مركز التحكّم بعد ثماني دقائق وسبع ثوان، وهو الوقت الذي يتطلّبه وصول الإشارة اللاسلكية من المريخ إلى الأرض.