بولسونارو رئيسا... والبرازيل تتجه الى القطيعة مع السابق

دفع انتخاب أول رئيس يميني متطرف منذ انتهاء الديكتاتورية قبل اكثر من 30 عاما، البرازيل إلى المجهول مع بدء جايير بولسونارو التحضير لعملية انتقال باتجاه القطيعة مع السابق.

واستقبلت بورصة ساو باولو انتخاب المرشح الليبرالي بشكل ايجابي وكانت قد توقعته بالفعل من خلال تحقيقها مكاسب بنسبة 10% في شهر واحد.

وقد افتتحت على ارتفاع بأكثر من 3% في حين وصل الريال الى أعلى مستوى مقابل الدولار منذ نيسان/أبريل.

وتنتظر الأسواق خطوات ملموسة من الفريق الذي يرأسه باولو غيديس لتحويل الاقتصاد الثامن المتعثر في العالم.

وحصل بولسونارو الذي سيتولى مهامه في الأول من كانون الثاني/يناير 2019، الأحد على تفويض واضح من الناخبين في الاقتراع بنيله 55 بالمئة من الأصوات في مواجهة خصمه اليساري فرناندو حداد الذي حصل على 45 بالمئة من الأصوات، أثر حملة سادها الاستقطاب.

وعبر حداد الاثنين عن تهانيه "الصادقة" للرئيس المنتخب في تغريدة متمنياً له "النجاح".

وتؤشر خطاباته الأولى- ثلاثة مساء انتخابه - ولم يذكر فيها كلمة واحدة عن خصمه حداد الى تغيير جذري. ستكون هناك قطيعة مع كل ما قام به حزب العمال الذي فاز في الانتخابات الرئاسية الأربعة الأخيرة، ويتم تحميله المسؤولية عما تواجهه البرازيل.

وسيتولى بولسونارو الرئاسة لأربع سنوات خلفا للمحافظ ميشال تامر الذي تنتهي ولايته بتدن تاريخي لشعبيته تاركا بلدا يغرق في العنف والبطالة والفساد.

ويفترض أن يتوجه بولسونارو الثلاثاء إلى برازيليا لمحادثات مع تامر، اذا سمح له الاطباء بذلك.

ومنذ الاعتداء الذي كاد يكلفه حياته في ايلول/سبتمبر وادى الى تمزق أمعائه، ما زال بولسونارو يعاني ولا يغادر منزله سوى لماما ويتجنب الحشود.

وقال غيديس، الوزير الليبرالي الذي سيعينه بولسونارو، ان الحكومة الجديدة "ستغير النموذج الاقتصادي للبلاد"، مهاجما "النموذج الديمقراطي الاجتماعي". ويتوقع أن يتجه إلى الخصخصة وإصلاح نظام التقاعد.

يقول لياندرو غابياتي، مدير شركة الاستشارات "دومينيوم" في برازيليا ان غيديس خريج جامعة شيكاغو حيث تأثر بمنهج فكري يدافع عن رؤية ليبرالية للاقتصاد، "يجب أن يدفع الاقتصاد إلى التحرك بأسرع ما يمكن، لأن الهامش لديه سيكون ستة أشهر او سنة".

وبولسونارو الذي لم يقدم سوى قانونين خلال 27 عاما أمضاها في البرلمان سيتولى رئاسة بلد يسكنه 208 ملايين نسمة بدون أن يملك أي تجربة في السلطة، على غرار وزراء حكومته المقبلة.

وتزداد فئات البرازيليين القلقين من المستقبل بعد تصريحاته العدائية خلال حملته والتي قال فيها إنه يريد أن يحكم "من أجل الأغلبية لا من أجل الأقلية" وعنى بذلك السود والنساء والمثليين وكذلك ناشطي اليسار والهنود وأعضاء حركة الفلاحين بلا أرض ومنظمات غير حكومية والمدافعين عن البيئة والصحافيين.

يعتقد الأكثر تفاؤلا أن هذا المعجب بالحكم الديكتاتوري العسكري (1964-1985) سيتخلى عن خطابه القاسي خلال الحملة بعد توليه مهامه. لكن آخرين يتوقعون أن يحكم على أسس عقائدية أكثر منها براغماتية، ما يجعل البرازيل تعيش تحولا هائلا.

وقال غابياتي "ما زالت هناك مخاطر (...) لكن يجب ألا يغيب عن بالنا أن البرازيل واحدة من أمتن الديموقراطيات في أميركا اللاتينية".

وأضاف أن "النموذج الاشتراكي الديموقراطي (...) سيء جدا ونحن رهائن نمو ضعيف".

والنقطة المجهولة الأخرى هي معرفة ما إذا كان بولسونارو سيمتلك وسائل تطبيق سياسته. وقال استرادا إنه "سيواجه البرلمان الأكثر تشتتا في التاريخ".

سيكون بولسونارو تحت انظار المجتمع الدولي. وقد دعاه الاتحاد الأوروبي الاثنين الى "ترسيخ الديمقراطية" في إشارة الى انه سيكون تحت الانظار.

وفي باريس، طالبه الرئيس إيمانويل ماكرون بضرورة "احترام" "المبادئ الديمقراطية".

والاثنين، تمنى الرئيس الاميركي دونالد ترامب في تغريدة "التقارب في المجالات التجارية والعسكرية" مع البرازيل، بعد اتصال مساء الأحد ببولسونارو لتهنئته.

ولقي انتخاب بولسونارو ترحيبا من قبل قادة آخرين لليمين القومي في العالم.

فقد صرح ماتيو سالفيني زعيم اليمين المتطرف في إيطاليا والرجل القوي في حكومة روما حاليا أن "المواطنين في البرازيل أيضا طردوا اليسار! أداء جيد للرئيس بولسونارو والصداقة بين شعبينا وحكومتينا ستكون أقوى".

من جهتها، تمنت زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبن "حظا موفقا" لبولسونارو الذي قالت إن عليه "تحسين الوضع الاقتصادي والأمني والديموقراطي السيء في البرازيل".

بدوره، قال المستشار السابق للبيت الأبيض ستيف بانون إن الولايات المتحدة "ستكون شريكا أوثق للبرازيل مع حكومة" بولسونارو.

واضاف لصحيفة "فولها دي ساو باولو" انه في جزء "من العالم حيث توجد الاشتراكية الراديكالية ، والفوضى في فنزويلا، والأزمة الاقتصادية، مع تقرير صندوق النقد الدولي في الأرجنتين، يمثل بولسونارو مسار الرأسمالية المستنيرة".

وهنأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بولسونارو وفق بيان صادر عن الكرملين أكد أنه أعرب عن "ثقته" بتنمية العلاقات بين روسيا والبرازيل والتعاون بينهما في المحافل الدولية والاقتصادية.