العمليات الانتحارية في قراءة نفسية واجتماعية \r\nبين واقع العنف... وفكرة الانتقال إلى الجنة!

روزيت فاضل

هل هناك قراءة "سوسيو نفسية" للانتحاريين عموماً أمثال معين أبو ظهر (23 سنة) وعدنان المحمد (26 سنة) بعد تفجير نفسيهما أمام السفارة الايرانية في بئر حسن؟ وكيف يقرأ المتخصصون هذه الظاهرة؟


يجيب رئيس قسم الطب النفسي في مستشفى "أوتيل ديو" الدكتور سامي ريشا في اتصال مع "النهار" أن مجتمعنا أصبح مجتمعاً عنيفاً . كل ما نتابعه يومياً فيه عنف. العنف موجود في الأخبار التي نتابعها ، متداول على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها." وأعلن أن "مشكلة العنف تتفاقم في لبنان وهي دخلت مرحلة تصاعدية. ولا يتوقف العنف على العمليات الانتحارية بل يترجم من خلال العنف الكلامي أو المعنوي الذي يمارس من شخص في حق آخر."
وفي العودة الى الدراسات التحليلية عن ظاهرة الانتحاريين، ذكر أن الدراسات "التي تابعتها، رغم عددها القليل تناولت واقع الانتحاريين في غزة". و أشارت في مضمونها الى أن غالبية الذين قاموا بهذه العمليات في غزة لم يعانوا حالات نفسية أو أمراض نفسية دفعتهم الى هذا الفعل". أضاف:"اعتمدت هذه الدراسات على البحث عن شخصية هؤلاء الانتحاريين بعد موتهم و متابعة حثيثة لكتاباتهم الأخيرة قبل اقدامهم على العملية وصولاً الى التعرف من كثب على عائلاتهم".
عما اذا كان يوافق على ما يتناول المجتمع الذي يعتبر هؤلاء مرضى نفسيين أجاب: "تشير الدراسات الى أن القيمين على هؤلاء الأشخاص يبعدون عن هذه العمليات كل من يعاني مشكلات نفسية، لأنهم يخشون تراجعهم عن تنفيذ العملية أو يخافون من ابلاغ أي جهة عنها قبل تنفيذها".
من جهة أخرى، اعتبر ريشا أنه "اعتمد على دراسات من غزة لانه في لبنان لم تصدر دراسات خاصة بهذه الحالات الى الآن". وحدد مفهوم الطب النفسي "لحالات الانتحاريين الذين يتمتعون ببنية شخصية ايحائية فقال: "هم نوع من الناس الذين لا يعانون مرضاً نفسياً بل لديهم شخصية تتقبل بسهولة آراء الغير وتعتمدها كلياً. كما يمكنهم تقبل نقيضها وتبنيها حرفياً وذلك ضمن مرحلة محددة". أضاف: "بينت الدراسات أن هؤلاء الانتحاريين كما حال مجموعة منهم في غزة يقدمون على العملية من دون تناولهم الكحول أو المخدرات. يشعرون بالخوف طبعاً عند قرب تنفيذ العملية ولكنهم يمضمون للقيام بها".
شاوول: الانتحاري والأحلام المتكسرة
في المقابل، تحدث أستاذ علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية الدكتور ملحم شاوول في اتصال مع "النهار، "أننا لا نملك فعلياً معلومات دقيقة عن هؤلاء الانتحاريين، لأننا لا نعرف فعلياً كيف يتكونون أو حتى يتكيفون مع قناعاتهم للقيام بهذه العمليات." من الناحية العملية التحليلية، رأى "أن هؤلاء الانتحاريين هم" حالة نفسية تعتبر أن ثمة مكافأة تتنظرهم في حال القيام بالعملية الانتحارية وهي أهم من البقاء على قيد الحياة... "واعتبر أن "لدى هؤلاء قناعات من أن هذه العملية تنقلهم من حياة رديئة الى حياة أفضل". وقال: "لن ننسى المنحى الايماني لديهم. يتفاوت مفهوم الجنة ومجمل أوصافها عند الأديان. فالمسيحية تعتقد أن الجنة تكون في رحاب الله بينما تعتمد بعض الأديان ومنها الاسلام في وصف آخر للجنة أو للحياة الأخرى يحظى بها الانتحاري في حال استشهد .هذا عامل اضافي لدفع بعض الانتحاريين الى رفض الحياة الرتيبة التي يعيشها في الأرض والمضي في حال استشهاده الى الجنة". الأهم وفقاً لشاوول هو "الوقوف عند المتغيرات التي يلحظها علم الاجتماع لهذه الحالات، والتي تبدأ بأنهم جماعة يعيشون "ضمن نظام فكري منغلق ومتشدد ، ثانياً بأن صغر عمر الانتحاري مؤشر ثان يعتمد عليه منظمو هذه العمليات لأن الشاب الانتحاري يتمتع بالاندفاع للقيام بهكذا عمليات". وفي رأيه، ينحصر المؤشر الثالث عند حال الاحباط السياسي لديهم أو ما يمكن اعتباره مجموعة من الأحلام التي لم تتحقق وتؤدي بهم الى شعور بالضعف تجاه الأقوى".
ختاماً، قال إن المؤشر الرابع هو المحيط الاجتماعي للانتحاريين والذين ينتمون عموماً الى أوساط دونية ومن الطبقة المتوسطة الدخل".


rosette.fadel@annahar.com.lb
Twitter: @rosettefadel