السويد بعد الانتخابات التشريعيّة: اليمين المتطرّف يتقدّم، وانقسام في الساحة السياسيّة

تواجه #السويد معضلة سياسية، بعدما حقّق اليمين المتطرف مكاسب في #الانتخابات_التشريعية، ما يؤدي الى تعليق مسألة تشكيل الحكومة في هذا البلد الاسكندينافي.

وعادة ما يكون رئيس الوزراء زعيم الحزب الذي يحصل على معظم الأصوات في الانتخابات. لكن الساحة السياسية المنقسمة في السويد بعد انتخابات الاحد تجعل من المستحيل التنبؤ بمن سيشكل الحكومة.

وكما كان متوقعا، لم تحصل كتلة اليسار الوسط أو اليمين الوسط على الغالبية.

وعزز حزب "ديموقراطيو السويد" اليميني المتطرف مكانته كثالث أكبر حزب والعامل الحاسم في تشكيل الحكومة، رغم أنه حصل على نسبة اقل مما كان متوقعا.

وكسبت أحزاب اليمين المتطرف قوة في الانتخابات في الأعوام الأخيرة في العديد من الدول الأوروبية، بما فيها ألمانيا وإيطاليا.

وقالت صحيفة "سفينسكا داغبلادت" اليومية إن السياسيين في السويد "سيحتاجون الآن إلى الكثير من الخيال".

وكتبت صحيفة "داغينز نايهيتر" في مقالها الافتتاحي: "مهما كانت نتيجة المعركة الدرامية بين الكتل، يبدو أنه سيكون من الصعب أن تحظى السويد بحكومة فاعلة".

وتمتلك كتلة "الاحمر-الاخضر" اليسارية، بزعامة رئيس الوزراء ستيفان لوفن، غالبية ضئيلة هي مقعد واحد تتقدم بها على "التحالف" من يمين الوسط المعارض.

ويفصل بين الكتلتين اقل من 30 ألف صوت، ولا يزال يتعين فرز نحو 200 ألف صوت، ضمنها تلك التي تم الإدلاء بها مبكرا أو في الخارج.

وفاز الحزب الاشتراكي الديموقراطي بنسبة 28,4% من الأصوات، بانخفاض 2,8 نقطة من انتخابات 2014، وهي اسوأ نتيجة يحصل عليها منذ قرن.

وقال لوفن: "مع ذلك، فقد اختار الناخبون الحزب الاشتراكي الديموقراطي كأكبر أحزاب السويد".

وقدم دعوة الى المعارضة في مسعى الى حل مشكلة تشكيل الحكومة. وقال لأنصار الحزب: "نحتاج إلى التعاون بين الكتل".

ويلتقي لوفان اليوم الرئيس التنفيذي للحزب لمناقشة الخطط المستقبلية. إلا أن "التحالف" الذي يضم أربعة احزاب، رفض عرض لوفن، ودعاه إلى التنحي واخلاء الطريق لهم لتشكيل حكومة.

وقال اولف كريتيرسون لأنصار حزبه المحافظ "موديريت" ان "هذه الحكومة اخذت فرصتها، وعليها الاستقالة".

يسعى لوفن الى الحصول على ولاية جديدة مدتها اربع سنوات، لكنه سيواجه صعوبة في تشكيل حكومة مستقرة. وقد استبعد مثل جميع الاحزاب الاخرى أي تعاون مع اليمين المتطرف.

ويمكنه أن يحاول بناء حكومة مماثلة لتلك التي تشكلت عام 2014: ائتلاف أقلية مع الخضر يعتمد على الدعم غير الرسمي في البرلمان من حزب "اليسار" الشيوعي السابق. لكن تلك الحكومة ستكون تحت تهديد دائم من "ديموقراطيو السويد" الذين سيسعون إلى الاطاحة بها عند أول فرصة. وهم مستعدون لوقف كل محاولة لتمرير القوانين، مثل مشروع قانون الموازنة في الخريف.

كذلك، يمكن أن يلجأ لوفن إلى دعوة أحزاب الوسط والأحزاب الليبرالية الى طاولة التفاوض. وقال ميكائيل غيليام، استاذ العلوم السياسية للاذاعة السويدية العامة: "إذا كانت كتلة اليسار والخضر أكبر، فإن الليبراليين لديهم المفتاح، وليس جيمي اكيسون"، زعيم حزب "ديموقراطيو السويد".

وهناك كتلة الوسط والليرالييون، وهم جزء من "التحالف" اضافة إلى "موديريت" والمسيحيين الديموقراطيين.

ورغم الاختلافات بينهما، بخاصة بشأن سياسة الهجرة، فإن أحزاب "التحالف" التي حكمت السويد من 2006 الى 2014، اتفقت على محاولة تشكيل حكومة معا. لكن هذه المهمة لن تكون سهلة. فالتحالف سيحتاج إلى دعم اليمين المتطرف للحصول على الغالبية. وعليه، إما أن يقدم تنازلات في السياسات مقابل الحصول على دعم "ديموقراطيو السويد"، إما أن يعرض عليهم مناصب مهمة في اللجان البرلمانية التي تصوغ القوانين.

وقد فاز "ديموقراطيو السويد" بنسبة 17,6% من الأصوات، في زيادة نسبتها 5% قياسا مع الانتخابات السابقة.

وصرح اكيسون لاذاعة السويد العامة اليوم بأنه يتوقع أن يحصل على نفوذ كبير. واضاف: "من يفهم أولا أن بإمكانه أن يتحدث معي، سيكون من الاسهل عليه تشكيل حكومة، وقيادة هذه البلاد للسنوات الأربع المقبلة".

إلا أنه صرح لوكالة "تي تي" بأن "لدينا قائمة طويلة من المطالب التي سنطرحها في المفاوضات".

ولتجنب هذا الوضع، يبدو أن كريتيرسون يفضل نوعا من أشكال التعاون الواسع من مختلف الكتل مع الاشتراكيين الديموقراطيين.

خلال الفترة الرئاسية السابقة، وقع الاثنان 26 اتفاقا لتمرير قوانين، خصوصا حول للهجرة والطاقة والمناخ.

وقال ديفيد اهلين، المسؤول في شركة "ايبسوس" لأبحاث السوق: "الوضع الأكثر ترجيحا سيكون أن يشكل التحالف حكومة ائتلاف، ومحاولة السعي إلى دعم من مختلف الكتل".

وأظهرت الأرقام أن مشاركة الناخبين التي عادة ما تكون مرتفعة في السويد، بلغت 84,4%.