"أوان" فسحة متخصصة في الشاي... سأتذوّق أكبر عدد من النكهات!

المُقابلة مُقرّرة في تمام الساعة الـحادية عشرة صباحاً، ولدي متسع من الوقت لأتوجّه إلى منطقة "البور" سيراً على القدمين من الجريدة إلى الفُسحة. لا أحد يَعلم لماذا اخترت هذا الطقس الحار جداً لأمارس هواية المشي، ولكنني فجأة وجدتُ نفسي أجوب الشوارع الفرعيّة بتمهّل "مُقلق" وكأنني في الواقع مُتردّدة بعض الشيء!

كيف سأكتب عن الشاي وأنا في في الواقع مُدمنة على القهوة؟

هل سأتمكن من وصفه ببلاغة تليق بالمُدمنين عليه؟

(هل من المعقول أن يُدمن أحد على الشاي؟)

كيف سأتمكّن من أن "أمشي الهوينى" في هذا العالم الذي لا يعني لي أي شيء، أنا العاشقة المُتيّمة بكل ما له علاقة بالقهوة في كل "طلعاتها ونزلاتها" وبكل طقوسها "المُتسامية" التي أعيشها خبزي اليوميّ؟

هل "سأمزمز" فنجان قهوة عندما يحين الوقت لأكتب المقالة الصغيرة عن الشاي ("أم بُطلع بلا أخلاق"؟).

 وهل سأتسلّح بالجرأة الكافية لأطلب من نيكول فيّاض، الشريكة الإداريّة في فُسحة "أوان" المُتخصّصة في كل ما يتعلّق بالشاي: "واحد إسبريسو إذا بتريدي"؟!

"أكيد رح نشرب فنجان شاي!"، تستقبلني فيّاض بابتسامة عريضة ودعوة أجد نفسي مجبرة على رفضها بتهذيب اكتشفتُ لاحقاً أنّه "قلة ذوق".



أكتفي بالقليل من الماء لأنني في الواقع، تماماً كوالدة نيكول كما يتضح لي في سياق الحديث، أحتسي الشاي فقط عندما أشعر بأنني مريضة!

تضحك فيّاض قائلة، "إمّي تُردد باستمرار: أنا منّي مريضة تإشرب شاي"!

يبدو أنني و"التانت" سنتفق كثيراً!

"أوان"، الفُسحة التي وقعتُ في حبها مع أنني كنت قد أقسمتُ بأنني لن أخون القهوة معها، وُلدت بفعل عشق 5 أصدقاء للشاي: نيكول فيّاض، ناجي رزق، مالك غريب، كارولين عبد النور، وتمارا شمعون.

ولكن يجب "أن نحكي يالّلي إلنا والّلي علينا": الأصدقاء يستسيغون القهوة أيضاً!

ودفعهم عشقهم للشاي، هم الذين أمضوا سنوات في الغرب قبل العودة إلى البلد في التسعينات، إلى إلقاء التحيّة على الشاي في مُنتصف العام 2010، بدايةً في الأشرفية ولاحقاً في منطقة البور.

ونعم، وألف نعم، للشاي الآلاف من العُشّاق والذوّاقة الذين يتفنّنون بشربه ويتوغلون في نكهاته ويتوسلون الكلمات "الشكسبيريّة" لوصفه تماماً كعشّاق النبيذ (ولم لا القهوة!).

وصحيح أيضاً أن اللبناني، وعلى الرغم من انفتاحه على عالم الشاي، ما زال يميل إلى القهوة التي اعتادها مشروباً محوريّاً في يوميّاته. ومع ذلك، فإن الأكثرية الساحقة التي تُعتبر ذوّاقة في عالم الشاي في لبنان هم الرجال الذين يتفنّنون في احتساء هذا المشروب ويُتقنون عالمه ويرقصون بأناقة مُخمليّة في مُفرداته وكأنهم في الحقيقة يعيشون قصّة حُب تليق بالروايات.

وفي "أوان" سنجد أهميّة كُبرى للـ "براندينغ" ولأواني الشاي التي تأتي في كل الأحجام والألوان. وتُكتب كل المعلومات الأساسيّة على الغلاف الخارجي للمشروب الذي نجده في أكثر من 70 نوعاً ومصدره الصين، الهند، سري لانكا، اليابان، أفريقيا وأوروبا.



وزوّار "أوان" انتقائيّون: منهم الشباب الـTrendy، والفنانون الذين يحتاجون إلى المشروب ليزوّدهم حيويّة تستمر لساعات ولا علاقة لها بـ"النرفزة" و"الانفجارات المتوترة" التي تولدها القهوة! (وأقول هذه المعلومة الأخيرة "على مضض")، والناس الفضوليّون، وأيضاً الذين يحتسون المشروب إنطلاقاً من فوائده الصحيّة الكثيرة.


في العودة إلى الجريدة، أجد نفسي مفتونة (قليلاً!) بعالم الشاي الذي أحتسيه ما إن أصل إلى مكتبي بهدوء وتلذّذ، وأندم لأنني رفضتُ دعوة نيكول إلى فنجان شاي "غير شكل". وعندما أكثّف بحوثي حول هذا المشروب التي صرتُ لسبب أو لآخر أدمجه في طقوسي اليوميّة، سُرعان ما أكتشف أن مشاهير عدة يُعبّرون (أو عبّروا ذات يوم جميل رحل وبقي طيفه!) عن تقديرهم الكبير له:

- بطل الرسوم المتحركة "ويني ذا بوه"!




- شون كونري


- بيرس بروسنان


- دانيال كريغ



- ميك جاغر

- تايلور سويفت

- سي. أس لويس


- جيمس دين

- ميريل ستريب.

وها انا أحتسي فنجان شاي "مع عصرة حامض" وأنا أكتب هذه الكلمات، وقد قرّرت في لحظة انخطاف (عابرة؟!) بأنني سأصبح "دويّمة" في فُسحة "أوان"، وساتذوّق أكبر عدد من النكهات.

"مين بيعرف"، ربما تحوّل الشاي طقساً من طقوس حياتي... ولكنه، بكل تأكيد لن يتمكّن من أن يأخذ مكانة القهوة في قلبي.

"بس كمان، مين بيعرف!".

  Hanadi.dairi@annahar.com.lb