الغرب يواجه تحدي نقل الأسلحة الكيميائية السورية قرب الحدود اللبنانية

ترجمة نسرين ناضر

أثارت خطة أعلنت عنها "منظمة حظر الأسلحة الكيميائية" لإخراج الجزء الأكبر من الأسلحة الكيميائية السورية من البلاد في الأسابيع المقبلة، مخاوف كبيرة في واشنطن لأنها تستوجب نقل الأسلحة عبر الطرقات التي تدور فيها المعارك وتحميلها في سفينة ليست لديها وجهة لتقصدها.


توفير الأمن لدى نقل هذه الأسلحة تتولاّه بالكامل الوحدات العسكرية السورية الموالية للرئيس بشار الأسد الذي فاجأ المسؤولين الأميركيين بسرعة امتثاله لبنود الاتفاق الذي جرى التوصّل إليه مع روسيا لتحديد مخزونات الأسلحة الكيميائية وتسليمها. يقول المحلّلون الاستخباريون والمسؤولون في البنتاغون إن قوافل الأسلحة ستكون عرضةً للهجمات خلال انتقالها عبر أنقاض الحرب الدائرة في البلاد منذ عامَين ونصف العام.
رداً على سؤال عن خطة الدعم التي يمكن اللجوء إليها في حال تعرّضت مكوّنات الأسلحة الكيميائية للهجوم من القوات المعارضة المرتبطة بتنظيم "القاعدة"، أو حتى من عناصر تابعين لقوات الأسد، قال مسؤول أميركي كبير "هذه هي المشكلة - لم يجرّب أحد هذا من قبل في خضم حرب أهلية، وليس أحد مستعدّاً لإرسال قوات على الأرض لحماية هذه الأسلحة، بما في ذلك نحن".
ولفت مسؤول آخر إلى أن الخيار الذي تواجهه الولايات المتحدة وسواها من الدول الآن هو "إما ترك الأسلحة مكانها وتمنّي أن تسير الأمور على ما يرام، وإما تحمّل مسؤوليتها، وإخراجها من هناك، وتمنّي أن تسير الأمور على ما يرام. هذا هو الخيار "الأقل سوءاً".
الاسبوع الماضي، رفضت ألبانيا طلباً وجّهته إليها الولايات المتحدة لتدمير الأسلحة على أراضيها، بعدما نزل آلاف الألبان إلى الشارع احتجاجاً. وكانت النروج قد رفضت هي الأخرى طلباً مماثلاً بذريعة أنها لا تملك الخبرة أو المنشآت اللازمة لتدمير الأسلحة، كما أن المسألة أثارت خلافاً سياسياً كبيراً في البلاد.
نتيجةً لذلك، قد تبقى مواد الأسلحة الكيميائية السورية في أعالي البحار لوقت طويل، فيما يبحث المسؤولون عن بلد مستعدّ لتدميرها وقادر على ذلك. في هذا الإطار، يحظر القانون الأميركي استيراد الأسلحة الكيميائية لتدميرها في الولايات المتحدة، وتقول روسيا إنها لا تزال ترزح تحت وطأة تدمير مخزوناتها الخاصة.
مصدر القلق الأكثر فورية هو أن هذه المواد - أكثر من 600 طن من السلائف الكيميائية معظمها مخزَّن في حاويات تتّسع لطنّ أو طنَّين - ستشكّل في الأسابيع الستّة المقبلة هدفاً ضخماً للمعارضة السورية التي تحارب نظام الأسد، وتتقاتل أحياناً في ما بينها.
يبدو أن الجيش السوري يدرك التحدّي. فقد تحدّثت تقارير في نهاية الأسبوع الماضي عن معارك على طول الطريق السريع الذي يربط دمشق بالساحل. الجزء الأكبر من هذه المنطقة الواقعة قرب الحدود اللبنانية عبارة عن جبال كما أنه موضع خلاف شديد.


والخطة التي وُضِعت لإخراج الأسلحة من البلاد "تُحدّد معايير طموحة على الحكومة السورية تلبيتها"، كما قال أحمد أوزموجو، مدير عام "منظمة حظر الأسلحة الكيميائية"، الذي أضاف "تطرح المرحلة المقبلة التحدّي الأكبر، ويقتضي تطبيقها ضمن المهلة المحدّدة وجود بيئة آمنة لنقل الأسلحة الكيميائية والتحقّق منها".
وما يساعد في هذا الإطار هو أنه لا يمكن استخدام السلائف الكيميائية بمثابة أسلحة قبل مزجها. إلا أن مسؤولاً أميركياً كبيراً علّق بالقول "التحدّي الأكبر الذي نواجهه الآن هو ضمان أمن القافلات التي تنطلق من المنشآت الكيميائية وصولاً إلى المرفأ".
ليس من السهل تقييم الخطر. فقد أعرب قادة كبار في تنظيم "القاعدة" في باكستان وعناصر مرتبطون بالتنظيم في سوريا، بوضوح عن رغبتهم في الاستيلاء على السلائف الكيميائية، على الأرجح بهدف استخدامها من أجل بناء ترسانتهم الكيميائية. لكن مسؤولاً كبيراً سابقاً في البيت الأبيض قال إن التهديد الذي يشكّله المقاتلون المتطرّفون، وعلى الرغم من أهمّيته، يُخفّف من حدّته واقع أنهم ليسوا مدرّبين ولا مجهّزين كما يجب للتعامل مع المواد العالية السمّية، كما أوردت تقارير استخبارية.
وقال مسؤول سابق كبير آخر في البيت الأبيض إن الاعتماد على الحكومة السورية لفرض الأمن في ما يتعلق بنقل الأسلحة الكيميائية قد لا يكون حلاً مثالياً، إلا أن السوريين أظهروا خلال العام الماضي قدرة مفاجئة على نقل مخزوناتهم الكيميائية عبر البلاد وإحكام الطوق الأمني حولها، من أجل الحؤول دون وقوعها في أيدي الثوّار. وأضاف أنه لدى روسيا حافزٌ، بوصفها حليفة لنظام الأسد، بأن تساعد على التخلّص من المواد الكيميائية بطريقة آمنة.
اكتسبت المجموعات القتالية، بحكم تجربتها في العراق وأفغانستان، خبرة في شنّ هجمات على القوافل عبر استخدام العبوات الناسفة الموضوعة على قارعات الطرق، والأسلحة الصغيرة والهجمات بقذائف الهاون. غير أن المسؤولين الأميركيين يلفتون إلى أن مهاجمة قافلة بهدف إيقاع ضحايا بين قتلى ومصابين ليس معقّداً بقدر مهاجمة موكب للاستيلاء على حمولته من دون إلحاق الأضرار بها.
واشار مسؤول عسكري اميركي الى ان "تنظيم القاعدة معروف بالقوة الهمجية وليس بالدقّة في التنفيذ. والاستيلاء على الأسلحة الكيميائية يقتضي حكماً دقّة في التنفيذ".