موسم التفاح يقضّ مضاجع المزارعين والتجّار "فُجّار" كما يقول المثل!

مع اقتراب حلول شهر أيلول، بدأ القلق يقضّ مضاجع مزارعي التفاح الذين يجنون الثمار في هذا الشهر، بعد عمل متواصل لنحو سنة كاملة. 

موسم التفاح كان أيام زمان، كما يقول المزارع حنا فرنجيه: "يعلّم ويطبّب ويعمّر بيوتاً، ويسمح بعيشة كريمة لا غش فيها ولا عيب، كون المصروف يأتي من عرق الجبين. أما اليوم، فبات الموسم همًّا يضاف الى جملة الهموم الاقتصادية والمعيشية التي نعيشها جراء الكساد وعدم تصريف الإنتاج. وهذه مشكلة لم تجد لها الدولة اللبنانية حلاً منذ سنوات عدة، ما زاد في فقر المزارعين وكفرهم بأرضهم".

الموسم على الأبواب والمزارعون حتى الساعة من #اهدن الى تنورين وبشري واللقلوق وصولا الى كل جبل لبنان وبعض البقاع، يعيشون القلق نفسه والهمّ ذاته، وفق سليم طوق: "لا أسواق تصريف، لا مساعدات، لا جمعيات تعاونية ترشد أو توجّه أو تساعد في الأعمال، والمزارع وحيداً يصارع كل ما فوق الأرض وتحتها".

التجّار "فُجّار" كما يقول المثل الذي ردده جورج حرب مضيفاً: " ليس همّهم سوى الربح المادي. ولهذا هم يعرُضون عن الشراء من الحقول تحت حجج مختلفة، أبرزها أكلاف التصدير البحري المرتفعة في ظل إقفال المعابر البرية وأوضاع المنطقة والحرب على الإرهاب، وكأن التفاح ومصير عائلات المزارعين لا تعنيهم".

البلديات في الجرود تساعد قدر الإمكان، ولكنها غير قادرة لوحدها على تحمل الأعباء والتكاليف وما من أحد يدعم.

بلدية بشري ومن باب تخفيف النفقات على المزارعين بدأت بالتعاون مع وزارة الزراعة، من خلال المكتب الزراعي في البلدية، بنصب مصائد لمكافحة ذبابة البحر المتوسط التي تفتك بالتفاح في كافة حقوله في منطقة بشري، عبر فريق عمل متخصص لهذه الغاية. وستتم متابعة ومراقبة هذه المصائد بشكل دوري من خلال مهندس زراعي متخصص مكلف من البلدية لهذه الغاية، بهدف الحفاظ على جودة التفاح ومنع الذبابة من إلحاق المزيد من الضرر به . 

"مؤسسة جبل الأرز" وبلدية بشري وشركة "شاباش"، بالتعاون مع "الوكالة الأميركية للتنمية " (USAID)أنشأوا بمتابعة من نائبي القوات في بشري "معمل عرابة التفاح" في بيت منذر، لحل معضلة تصريف إنتاج التفاح من منطقة بشري على أسس حديثة علمية، ولخلق أسواق جديدة له من ضمن المواصفات والشروط العالمية المطلوبة. وأكدت النائبة ستريدا جعجع ان "الخطوة التي قمنا بها تشكل نقلة نوعية متقدمة في قطاع إنتاج وتصريف التفاح في منطقة بشري. وبوجود هذه الآلة المتطورة والحديثة في لبنان، ودور اتحاد البلديات وبلدية بشري في إرشاد المزارعين لتطوير وتحسين إنتاجهم والذي سيستمر، فإن الكرة بعد اليوم أصبحت عند المزارع . فبقدر ما يحسّن من انتاجه وجودته، بقدر ما ستتحسن أسعار المبيع وترتفع، وبالتالي ستتحسن أوضاعه الاجتماعية، ويتشجع أكثر لاستغلال أرضه بالكامل لإنتاج التفاح فيها، مؤكدة أنها لن توفر جهداً في سبيل إبقاء المزارعين متجذّرين في أرضهم".

بلدية اهدن تنظم كل عام مهرجاناً للتفاح، وكذلك جمعيات أهلية ومدنية أخرى، حيث يبيع المزارعون تفاحهم مباشرة الى المستهلك، وهي خطوة مشكورة، لكنها غير قادرة على تصريف كامل إنتاج إهدن الزراعي من التفاح.  

لجنة الزراعة في تيار "المردة" دعت المسؤولين على اختلافهم "الى الاهتمام بالقطاع الزراعي وعدم ترك المزارعين فريسة الإهمال وجشع التجار، عبر تصريف إنتاجهم الزراعي ومواسمهم التي يقترب قطافها، وأبرزها التفاح ومن بعده الزيتون فالحمضيات."

واعتبرت اللجنة "أن بقاء المعنيين الرسميين مكتوفي الأيدي حيال الكارثة التي تتهدد المزارعين جراء عدم فتح أسواق جديدة لتصريف الانتاج الزراعي اللبناني، أمر يؤدي الى مزيد من إفقار العائلات اللبنانية وتهجيرها وحملها على بيع أراضيها بأرخص الاسعار".

وأكدت اللجنة "أن من أول واجبات الدولة المسؤولة عن شعبها تأمين الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للجميع، لأن ذلك يشكل استقراراً للبلد كله". 

مزارعو التفاح في الضنية نفذوا اعتصاماً رمزياً، ورموا بعض إنتاجهم الكاسد أرضاً، احتجاجاً على "عدم إيلاء المسؤولين الاهتمام اللازم بهم. واعتبروا أن الديون التي ترتبت عليهم تفوق قدرتهم على السداد، وطالبوا بتأمين أسواق داخلية وخارجية من أجل تسويق ما تبقى من مواسمهم والحؤول دون كسادها، بهدف دعمهم وتشجيعهم على التمسك بأرضهم وعدم إهمالها".

ويبقى السؤال: إلى متى يستطيع المزارعون الصمود في غياب أي تحرك، وفي غياب أي دعم رسمي لهم يساعدهم في تأمين لقمة العيش الحرة الكريمة؟