ولاية رئاسيّة جديدة بدأت في تركيا: اردوغان يؤدّي اليمين الدستوريّة

ادى الرئيس التركي #رجب_طيب_اردوغان اليمين الدستورية اليوم، ليبدأ ولاية رئاسية جديدة مدتها خمس سنوات  تستند الى نظام رئاسي جديد واسع الصلاحيات، وذلك بعد عامين على محاولة انقلاب هزت حكمه.

وقال في خطاب تنصيبه إن تركيا تشرع في رحلة صوب حكومة ودولة أقويين، متعهدا التقدم في جميع المجالات من حقوق الإنسان إلى الاستثمار.

وأضاف في الخطاب الذي ألقاه أمام قصره الرئاسي في أنقرة، والذي يمثل بداية نظام الرئاسة التنفيذية الجديد ذي الصلاحيات الواسعة، أن الاجتماع الأول لحكومته الجديدة ينعقد الجمعة.
وتوقع إعلان أعضاء الحكومة في وقت لاحق اليوم.

كذلك، تعهد اردوغان خصوصا بالحفاظ على المبادئ العلمانية لتركيا الحديثة التي ارساها مؤسسها مصطفى كمال اتاتورك.

ويدير اردوغان تركيا منذ عام 2003. واعيد انتخابه في 24 حزيران الماضي باكثرية مريحة بلغت 52،6% من الاصوات. ويلي التنصيب احتفال في القصر الرئاسي في حضور عشرات القادة من حول العالم، يكرّس رسميا الانتقال الى النظام الرئاسي، في ضوء تعديل دستوري، تم تبنيه اثر استفتاء في نيسان 2017 فاز به معسكر "نعم" الداعم لاردوغان بهامش بسيط. ولا تزال المسألة تثيرا انقساما واستقطابا في تركيا. 

وتبدأ هذه الولاية الرئاسية الواسعة الصلاحيات بعد نحو عامين على محاولة انقلاب عسكري في 15 تموز 2016، تلتها حملات تطهير واسعة، لا سيما في صفوف القوات المسلحة والشرطة والإدارات الرسمية أدت إلى توقيف او إقالة عشرات آلاف الأشخاص. 

وطاولت آخر حملة تطهير أعلنت الأحد، أكثر من 18 ألف شخص، معظمهم من الجنود والشرطيين، أقيلوا بموجب مرسوم دستوري قدم على أنه الأخير، في ظل حال الطوارئ التي أعلنت غداة محاولة الانقلاب.

وقالت أستاذة العلوم السياسية في الجامعة التقنية للشرق الاوسط في انقرة ايسي اياتا إن إردوغان "سيحظى الآن بدعم مؤسساتي وقانوني للسيطرة على كل شيء تقريبا".

ويلغي النظام الرئاسي الجديد منصب رئيس الوزراء، ويتيح للرئيس الامساك بكامل مقاليد السلطة التنفيذية، واصدار قرارات بمراسيم رئاسية.
كذلك، سيعين ستة من الأعضاء الـ13 في مجلس القضاة والمدعين المكلف تعيين افراد النظام القضائي وإقالتهم. 

وبما ان الرئيس يبقى أيضا على رأس حزبه السياسي، "سيسيطر على نواب حزبه، ما يعني انه سيسيطر على كل الفروع التنفيذية والقضائية والتشريعية في البلاد"، وفقا لاستاذ العلوم السياسية في جامعة بيلغي في اسطنبول إمري اردوغان.
ورأى ان "نظاما كهذا يوجد مساحة واسعة من الفرص (...) ليحكم الرئيس البلاد بمفرده". 


وقالت صحيفة "جمهورييت" المعارضة إن "نظاما حزبيا برجل واحد يبدأ رسميا اليوم".  وكتبت المعلقة السياسية في الصحيفة أصلي آيدنطاشباش: "لا اعتقد اننا نبالغ اذا قلنا إننا دخلنا عهد الجمهورية الثانية"، بعد الجمهورية التي أسسها مؤسس تركيا العلمانية مصطفى كمال اتاتورك. 

لكن صحيفة "يني شفق" الموالية للحكومة، كتبت بعنوان رئيسي: "يوم تاريخي"، معتبرة ان تركيا تشهد "طي صفحة من التاريخ التركي وفتح صفحة جديدة". 

وسيحضر نحو 10 آلاف ضيف مراسم تنصيب ارودغان، والتي يتخللها إطلاق المدفعية عشرات الطلقات لتحية رئيس النظام الجديد. لكن هذه الاجواء الاحتفالية عكّرها مقتل 24 شخصا الأحد لدى خروج قطار ركاب عن سكته في منطقة تكيرداغ في شمال غرب تركيا.

وتتضمن قائمة الحضور كبار حلفاء تركيا في افريقيا والشرق الأوسط ودول الاتحاد السوفياتي السابق، بينما سيكون عدد القادة الاوروبيين أقل نسبيا.

ويحضر ايضا رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف، في إشارة الى تحسن العلاقات بين أنقرة وموسكو، وكذلك الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الذي تنظر اليه واشنطن بازدراء، لكن يظل حليفا لاردوغان.

وفي مقطع فيديو نشره على "تويتر" يظهره وهو يقود سيارته إلى المطار، أشاد مادورو باردوغان "صديق فنزويلا وقائد العالم الجديد متعدد الاقطاب".

كذلك، يحضر الرئيس السوداني عمر البشير، وامير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وهما من أبرز حلفاء تركيا في الشرق الأوسط. بينما سيكون الرئيس البلغاري رومين راديف، ورئيس وزراء المجر القوي فيكتور اوربان، الوحيدين من قادة الاتحاد الاوروبي الذين يحضرون القمة.

بعد ان يؤدي اليمين، يعرض اردوغان حكومته الجديدة التي يتوقع ان تضم 16 وزيرا، مقابل 26 في الحكومة الحالية، من دون احتساب رئيس الوزراء.
وهذا يعني دمج وزارات عدة، مثل وزارة الشؤون الاوروبية التي ستصبح جزءا من وزارة الخارجية. 

وقال الكاتب الصحافي عبد القادر سلوي في عمود في صحيفة "حرييت" الموالية للحكومة، إن التشكيل الحكومي سيحمل "مفاجأة" بوجود شخصيات من خارج حزب العدالة والتنمية.

وقد يستمر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في منصبه. لكن تقارير أشارت إلى أن اردوغان قد يعين المتحدث باسمه ابراهيم كالين، او رئيس الاستخبارات هاكان فيدان مكانه.
وستستعين الرئاسة ايضا بـ"لجان" ومكاتب مخصصة لمختلف القطاعات. لكن تفاصيل صلاحياتها ليست معروفة بعد. 

خلال الانتخابات التشريعية التي تزامنت مع الاقتراع الرئاسي، فاز حزب العدالة والتنمية (اسلامي محافظ) بزعامة اردوغان بـ295 مقعدا من اصل 600، بينما حصل حليفه الحزب القومي على 49 مقعدا، ما يعني ان الحزب الحاكم لا يتمتع بالغالبية بمفرده، وعليه ان يعوّل على تأييد حليفه للسيطرة على البرلمان.

لكن اياتا نبه الى أنه "مع الوقت، يمكن الحزب القومي ان يعيد النظر في موقفه ويقدم مطالب" مثل مناصب حكومية وتنازلات ووظائف.

ويخشى العديد من الخبراء أن يؤدي التحالف القسري مع الحزب القومي الى سياسة متشددة من جانب اردوغان، خصوصا حول القضية الكردية.

في رده على انتقادات المعارضة لصلاحياته الرئاسية الموسعة، يردد اردوغان ان هذا النظام يوفر الفاعلية المطلوبة لخوض التحديات التي تواجه تركيا.

والتحدي الاكبر هو الازمة الاقتصادية مع ارتفاع نسبة التضخم وتدهور قيمة العملة وعجز كبير في الحسابات العامة رغم نمو متين. وهذا الوضع يعود جزئيا الى عدم ثقة الاسواق بالاستراتيجية الاقتصادية للرئيس التركي الذي يدعو باستمرار الى خفض نسبة الفوائد لمكافحة التضخم، في حين يوصي معظم الخبراء الاقتصاديين بالعكس. 

بعد ادائه القسم، ينتقل اردوغان على الفور إلى ميدان السياسة الخارجية، بحيث يزور شمال قبرص واذربيجان، قبل أن يتوجه لحضور قمة قادة حلف شمال الأطلسي في بروكسيل، حيث يلتقي نظيره الاميركي دونالد ترامب وعددا آخر من قادة الحلف.