السيناريو الأسود... ماذا يحدث لو ذاب الجليد على الأرض؟

جاد محيدلي

لا شك في أن الأرض تعاني كثيراً من تصرفات الإنسان، والنتائج السلبية بالفعل بدأت بالظهور إن كان من ناحية الاحتباس الحراري وثقب الأوزون أو من ناحية التغير الواضح للمناخ وتزايد الكوارث الطبيعية كالزلازل والبراكين وحتى الأمراض. لكن ماذا حدث لو ذاب الجليد في العالم والموجود خاصة في القطبين؟ بحسب العلماء، خلال القرنين المقبلين قد يتسبب ذوبان الجليد في القطب الجنوبي بارتفاع في مستوى البحار الذي سيصل إلى مستويات كارثية، ما سيغير خريطة العالم وخاصة المناطق الساحلية المكتظة بالسكان. هذا السيناريو يعد الأسوأ ولكنه للأسف يعتبر الأرجح مستقبلاً بالنسبة الى الباحثين، فقياسات الأقمار الصناعية لوكالة "ناسا" تقدر أنه منذ سنة 2004 يخسر القطب الجنوبي 130 مليار طن من الجليد سنوياً.

في أميركا الشمالية، سيختفي الساحل الأطلسي بالكامل، كذلك فلوريدا وشاطئ الخليج. في كاليفورنيا، ستتحول تلال سان فرانسيسكو إلى تجمع من الجُزر. أما في أميركا الجنوبية فسيتحول حوض نهر الأمازون في الشمال، وحوض نهر الباراغواي في الجنوب، إلى مدخلين صغيرين للمحيط الأطلسي، ما سيؤدي مثلاً لمحو عاصمة الأرجنتين "بيونس آيرس" وسواحل الأوروغواي، وجزء كبير من الباراغواي.

أما في إفريقيا، فستفقد هذه القارة القليل من الأرض، لكن درجة حرارة الأرض المُرتفعة قد تجعل جزءاً كبيراً منها غير صالح للحياة. وقال بعض العلماء إنه في مصر، ستختفي القاهرة والإسكندرية بسبب غمر البحر المتوسط لهما. وفي أوروبا، عليكم نسيان لندن وفينيسيا التي ستغرق في البحر الأدرياتيكي. وبعد آلاف السنين من الآن، ستكون هولندا قد استسلمت للبحر منذ وقت بعيد في ذلك السيناريو الكابوسي، كذلك جزء كبير من الدنمارك. وخلال ذلك، ستكون مياه البحر المتوسط قد ابتلعت البحر الأسود وبحر قزوين.

وفي آسيا، ستغمر المياه مساحة من الأرض يعيش فيها 600 مليون صيني ، كما ستغرق بنغلاديش بالكامل، التي يبلغ عدد سكانها 160 مليون نسمة، وجزء كبير من الساحل الهندي. في حين أنه في أوستراليا التي تغطي غالبية مساحتها الصحراء، ستتكوّن فيها بحار داخلية جديدة، لكنها ستخسر جزءاً كبيراً من الشريط الساحلي الضيق حيث تعيش أغلب الأستراليين حالياً.

تؤكد الدراسات الأخيرة أنه لن يكون هناك تراجع في ارتفاع مستوى المياه في السنوات المقبلة. بل على العكس ستستمر الغازات الدفيئة التي يتسبب بها الإنسان في الغلاف الجوي، في التأثير على أنماط الرياح حول القطب الجنوبي بشكل متزايد. ما سيدفع بالمياه نحو القارة متسببة بدورها في تآكل قاعدة الجليد. وارتفاع مستوى البحار سيؤثر سلباً في حياة الملايين من السكان عبر العالم، خاصة قاطني المدن الساحلية. وبحسب توقعات البنك العالمي، مدن كميامي ونيويورك ومامبي ستعرف خسائر قد تصل إلى تريليون دولار سنوياً نتيجة الفيضانات. وعلى الرغم من أن هذا السيناريو الأسود لن يحصل في السنوات القليلة المقبلة، الا أنه قد يحصل بالتأكيد في حال إستمر الإنسان بتصرفاته الجنونية، وبالتالي مستقبلنا جميعنا بخطر، وإن لم يأتِ الدور علينا، فعلى الأقل يجب أن نفكر في مستقبل أولادنا.