طلبتُ الطلاق وأنا عائدة إلى بيت أهلي

نيروز مناد

بدأ الأمر بجملةٍ مبتذلةٍ من طرفي: "أحبُّ قوامكِ. هل تمارسين الرياضة باستمرار؟". خلال شهرين من المحادثات المكتوبة عبر "فايسبوك" وقعتْ في غرامي. 

"متى ألقاك؟"، راسلتني بيأس فجرَ أمس. بعد نحو عشر دقائق من آخر رسالةٍ أرسلْتها، أعادتْ إرسال جملتها الأخيرة: "متى؟".

لم يسبق أن كذبت على أحد قبل اليوم، ولكن ما أعرفه الآن عن الكذب هو أنَّ الاعتراف بالحقيقة يصبح أصعب بعد مرور عشرة أيام على الأقل!

لم أعد أستطيع العودة إلى نقطة البداية، ولم أعد أستطيع قول الحقيقة.

كنتُ في المنتصف تماماً، وعلى الطرف الآخر امرأةٌ يؤرقها الانتظار.

"ألقاكِ في الأول من آذار. سيكون يومَ ميلادي وسنحتفل به معاً".

لم يكن الأمر بهدف التسلية. فمنذ البداية أردتُ الانتقام منها. كنتُ أكرهها. فهي امرأةٌ مغرورةٌ كثيرةُ الكلام وقد روّجتِ الكثير من الشائعات عني، وأردتُ لها أن تتألم فقط.

بعد ثلاث محادثاتٍ بيننا، قالت: "حاول زوجي الزواج بغيري كثيراً لكنَّ والده هدّده في كلِّ مرة بحرمانه الميراث فتراجع عن قراره واستبدله بعددٍ لامنتهٍ من العلاقات السّرية".

ارتسمتْ على وجهي ابتسامةٌ عريضة لحظة قراءتي تلك الجملة، لكنّي كتبت: "أيُّ أحمق يعرفكِ ويفكر في استبدالك؟".

هنا كتبت الجملةَ التي وضعتني في منطقةِ تأنيب الضميرِ المستمر: "لستُ جميلةً كتلكَ البنت التي تسكن فوقنا. زوجي يتأملها باستمرار، يقول إن طولها رائع وإنَّ لها بشرةً صافية جذابة".

مع مرورِ الوقت تأكدَ لي أنَّها ساذجة لكنَّها مسكينة. فهي وحيدةٌ جداً وتعيش زواجاً لا يوفر لها أياً من أسباب السعادة.

مع إلحاحها على لقائي، وجدتُ نفسي مضطرةً لإيجاد رجلٍ يشبه الشخصية التي وقعتْ في غرامها، لكنَّ الأمرَ انطوى على مخاطرة كبيرةٍ. فهي في كل الأحوال متزوجة!

في تلك الليلة قررتُ إنهاء كل شيء، فقد حصلت على الانتقام الذي أريده. غير أني لن أستخدم تلك الوثائق ضدّها. يكفيني الآن أني أعرف أنَّها مجرد امرأة حزينة مكسورة وليست ما تدّعيه على الإطلاق.

كان لا بدّ من إيجاد مخرج. فكرتُ طوالَ الليل في حلّ، ثمَّ لمعت الفكرة فجأةً كالفجر في رأسي فراسلتُها: "وجودكِ نشر البهجة في حياتي، تلك البهجة التي افتقدتها مذ تزوجت. نعم أنا رجلٌ متزوجٌ ولي طفلان لا أستطيع خذلانهما. كم أردتُ الهرب معك حيث لا يجدنا أحد. لن يكون عدلاً في حقهما. سامحيني أرجوكِ".

كانت تكتب شيئاً ما عندما أنهيتُ حذف حسابي على "فايسبوك". صادفتها صباحاً وقد جمعت أغراضها: "إلى أين؟". ابتسمتْ للمرة الأولى ابتسامةً حقيقيةً في وجهي وقالت: "طلبتُ الطَّلاق وأنا الآن عائدة إلى منزل عائلتي".

(كاتبة سورية)