"عين بورضاي" الحي الارقى في بعلبك... معزول بالكامل عن الخدمات والبنى التحتية

بعلبك - وسام اسماعيل

أغلب البلدات والقرى اللبنانية تعاني نقصاً في الخدمات، وهو ما ينعكس سلباً على بعض الأحياء والمرافق العامة. غير أن محلة عين بورضاي في بعلبك لها حصة خاصة من التهميش، فذلك الحي الذي يطل على مدينة بعلبك قد أعفي من كافة الخدمات العامة والخاصة التي من واجبات الدولة والبلديات تقديمها.


عند مدخل مدينة بعلبك الجنوبي تستقبلك عين بورضاي فوق تل مطل على المدينة ومتنزهاتها وغالبية سكانه من الجنسية الكويتية، حيث كان قدم اليها اكثر من 15 عائلة كويتية منذ عشر سنوات لتكون بعلبك مأوى شبه دائم للبعض منهم لما تتميز فيه من مناخ معتدل ولما فيها من اطلالة على الكثير من الأماكن السياحية والأثرية المميزة، ومن هذه الآثار قلعة بعلبك الاثرية وحجر الحبلة الذي يعد من اكبر الحجارة في العالم ظناً منهم ان مقومات العيش في لبنان تقتصر على اختيار المكان فقط فيما الخدمات لم تكن هاجسهم الا بعد سنوات من المطالبة والوعود الواهية بدءا من قائمقام بعلبك السابق وصولا الى البلديات المحيطة ووزراء المنطقة ونوابها.


رغم أهمية البلدة جغرافياً حيث تربط بلدة دورس بمدينة بعلبك من الجهة الجنوبية فتلك المحلة او بالاحرى البلدة الصغيرة "عين بورضاي" تفتقد لمجلس بلدي فعدد سكانها ضمن سجل النفوس التابع لها لا يسمح بإنشاء مجلس بلدي ويشغلها حاليا مختار فيما صندوقها البلدي في عهدة محافظ بعلبك - الهرمل .


فهل يعقل في عصرنا هذا وما يعرف بحي الفيلات (نسبة لجمال المنشآت والحدائق التي تضمها المحلة) ويبعد عن مدينة بعلبك بأمتار قليلة، لا توجد فيه حتى طريق معبدة تربطه بباقي الاحياء والمدن رغم ان المحلة تضم 99 عقاراً مفروزاً وقرابة 50 منشأة سكنية تسكنها اكثر من 30 عائلة تعاني جميعها من ظروف خدماتية صعبة حيث تفتقد لأدنى أنواع البنى التحتية والخدمات من صرف صحي وشبكة مياه وكهرباء وكل ما هو حق لهم مما يشكل لهم معاناة حقيقية.


المحلة تعد الأرقى في المنطقة وقد اختارها قاطنوها نسبة لقانونية العقارات وتنظيمها بعدما انعدم التخطيط في معظم احياء مدينة بعلبك، ظناً منهم ان قانونيتهم ستساهم في تلبية حاجاتهم فكافة الابنية السكنية فيها نظامية من خلال التنظيم المدني. 



وعمد سابقا اهالي المحلة وعلى نفقتهم الخاصة على توزيع اعمدة الكهرباء من خلال وضع مولدات خاصة لكل مبنى كذلك تمديد شبكة الصرف الصحي الى جانب شبكة المياه من خلال حفر آبار خاصة وعمل البعض على وضع الاسفلت للطرقات الداخلية بينما الطريق المؤدية الى المحلة لا تزال وعراً مملوءة بالحصى والحجارة.


لا تنتهي قصة المحلة هنا فبعد أن أصم المسؤولين آذانهم لانصافهم قرر الأهالي بدلاً من لعن الظلام والاستسلام لسوء الحال واليأس ومعالجة مشاكلهم ولو على نفقاتهم الخاصة وتم شراء اثنين من محولات كهرباء للمحلة (ترانسات) غير أنهم اصطدموا باحد المعنيين بوضع مطالبهم امام مقايضة من خلال حصوله على قطعة ارض كبديل من الخدمات وايصال الكهرباء، وهذا ما اكده عدد من الاهالي لافتين الى معاناة اخرى وهي فتح الطرقات بواسطة جرافات مستأجرة على حسابهم الخاص خلال فصل الشتاء بالاضافة الى نقل النفايات بسياراتهم الخاصة رافضين حرقها او تكويمها للحشرات حفاظاً على الطبيعة والصرف الصحي لم يكن امامهم بديل من حفر حفرة عملاقة من الصرف الصحي رغم انهم يناشدون المعنيين مرارا وتكررا معالجة الامر حرصاً منهم على تلويث المياه الجوفية.  

المشتكون في لقاءهم مع "النهار" اكدوا ان الحال يزداد سوءاً يوماً بعد يوم ويضعون امالهم لدى محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر للنظر الى حالهم وانصافهم موجهين له دعوة من خلال " النهار" لزيارة المحلة للاطلاع عن كثب على معاناتهم ومطالبهم المحقة فجل مطالبهم هي ابسط حقوق العيش وتأمين طريق معبدة بطول 1600 متر تصلهم بالمدن المجاورة.




احد سكان المحلة محمد جمعة احمد (وهو من الجنسية الكويتية) كان اتى الى بعلبك منذ 4 اعوام بعدما احب طبيعتها عرض معاناته مع الدوائر الرسمية كافة من دون ان يرف جفن لاي من المؤسسات الرسمية الخدماتية من مؤسسة كهرباء ومصلحة المياه والبلديات فهل يعقل أن عقاراً مؤلفاً من 99 عقاراً مفروزاً تسكنه 50 عائلة بين لبنانيين وكويتيين يبقوا مقيدين من كافة القطاعات الخدماتية؟ 

ويؤكد أن كل ما بذلوه فقط لتكون المحلة الارقى والاكثر قانونية وحرصهم على الاستثمار في مدينة بعلبك التي احبوها واحبوا اهلها مستغربا من هذا الاهمال، وتساءل "إن كان يوجد في اي دولة في العالم حي داخل مدينة يعزل باكمله".


واوضح جمعة ان اهالي المحلة "لم يوفروا جهدا ولا مسؤولاً وتم رفع كتابات عدة ومنها لوزارة الاشغال الا انها لم تجدِ جميعها نفعاً بعد دفع اموال باهظة"، لافتا الى ان "اهالي المحلة من الكويتيين نظرا لتمسكهم بهذه المحلة والمدينة واهلها قد اعدوا كتاباً سيرفع الى كل من السفارة اللبنانية في العاصمة الكويتية والسفارة الكويتية في بيروت يحمل شكواهم وتواقيعهم لعلهم يحصلون على حقوقهم".


ولفت احد سكان المحلة المواطن محمد العوطة ان بعضا من الكويتيين قرروا مغادرة المدينة في حال استمرار التعاطي مع الامر باستخفاف وحرمانهم حقوقهم المكتسبة من خلال تقديم الخدمات كسائر الاحياء وقد وصلت كلفة مشاريع الاهالي في هذه المحلة نحو 25 مليون دولار أميركي ليكون حياً نموذجياً في المدينة فهل يعقل ان من يكون قانونياً يحرم حقوقه على عكس من هو مخالف خصوصاً ان الحال يزداد سوءاً في محلة عين بورضاي (تلة الكويتيين). وناشد السلطات المحلية والمسؤولين بالنظر إلى ظروفهم المعيشية الصعبة، من خلال إتمام مشروع الإنارة العمومية التي انشأها اهالي المحلة وتعبيد الطريق كمطالب اولية.