ترامب وكيم وصلا إلى سنغافورة: قمّة الفرصة الاستثنائية... والشعور "جيّد جدا"

وصل الرئيس الاميركي دونالد #ترامب والزعيم الكوري الشمالي #كيم جونغ اون الى سنغافورة، قبل يومين من انعقاد قمتهما التاريخية التي لا تزال نتائجها غير مؤكدة، بعد عقود من انعدام الثقة والتوترات بين البلدين.

وستكون الترسانة النووية الكورية الشمالية التي كلفت بيونغ يانغ سلسلة من العقوبات الدولية على مرّ السنوات، في صلب كل المناقشات. 

وقد حطت الطائرة الرئاسية الاميركية "اير فورس وان" في قاعدة بايا ليبار الجوية #سنغافورة قرابة الساعة 20,30 (12,30 ت غ). وأطل منها الرئيس ترامب، ملوحا بيده من أعلى سلم الطائرة، ونزل وحده قبل أن يحيي عدة مسؤولين سنغاوريين وهو مبتسم.

ورد ترامب على سؤال أحد الصحافيين عن شعوره إزاء القمة قائلا: "جيد للغاية". ثم صعد إلى سيارة مصفحة للتوجه إلى أحد فنادق سنغافورة الفخمة بصحبة موكب من نحو 30 مركبة.

ويرافقه وزير الخارجية مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي جون بولتون، وكبير موظفي البيت الأبيض جون كيلي، والمتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز. 

"رحّبنا بكيم"

وكان الزعيم كيم وصل ايضا الى مطار شانغي في سنغافورة التي تعتبر أبعد مكان يذهب إليه في زيارة، منذ توليه الزعامة. وكان يرتدي بدلته الداكنة المميزة. وكان في استقباله وزير خارجية سنغافورة فيفيان بالاكريشنان الذي نشر صورة له على "تويتر" وهو يصافح كيم. وكتب: "رحبنا بالزعيم كيم الذي وصل للتو إلى سنغافورة". 

ونزل كيم من طائرة تابعة لشركة "إير تشاينا"، وخلفه مسؤولون كبار، بينهم وزير خارجية كوريا الشمالية ري يونغ هو وكيم يونغ تشول، وهو مساعد مقرب من كيم لعب دورا في الديبلوماسية التي ستتوج بالقمة الثلثاء.

وغادر كيم فندق "سانت ريجيس" وسط سنغافورة في وقت لاحق في موكب شاركت فيه سيارته الليموزين من طراز "مرسيدس"، وقطع مسافة قصيرة عبر شوارع سنغافورة التجارية، وصولا إلى القصر الرئاسي، حيث التقى رئيس الوزراء لي هسيين لونغ.
ولا يزال الغموض يلفّ تنقلات الزعيم الكوري الشمالي الذي يصغر ترامب بأكثر من 30 سنة.

وفي أول تصريحات علنية له منذ وصوله، قال كيم إن "التاريخ سيخلد دور سنغافورة إذا نجحت القمة". 

وسيدخل ترامب وكيم التاريخ بمجرد أن يلتقيا على جزيرة سنتوسا السياحية الثلثاء.
فالعداء قائم بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية منذ الحرب الكورية بين عامي 1950 و1953. ولم يسبق أن اجتمع رئيس أميركي بزعيم كوري شمالي قط، أو تحدثا حتى عبر الهاتف.  

شكوك وتساؤلات

وتتناول القمة أسلحة كوريا الشمالية النووية والسلام في شبه الجزيرة الكورية. وأمضت بيونغ يانغ عقودا في تطوير أسلحة نووية بلغت ذروتها في اختبار قنبلة هيدروجينية عام 2017. كذلك، نجحت في اختبار صواريخ قادرة على الوصول للبر الأمريكي الرئيسي. 

ويشكك كثيرون في أن يتخلى كيم تماما عن برنامجه النووي. ويقولون إن مساعيه للتواصل في الآونة الأخيرة تهدف إلى جعل الولايات المتحدة تخفف العقوبات الاقتصادية التي تكبّل بلاده.

وبالنسبة الى ترامب، يعني نجاح القمة اعترافا يحتاج إليه بشدة في الساحة الدولية، قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس المقررة في تشرين الثاني.

وكانت الولايات المتحدة وكوريا الشمالية على شفا الحرب العام الماضي، إذ تراشق كيم وترامب بالكلمات وتبادلا التهديدات، إلى أن قدم كيم عرضا مثيرا في آذار للقاء ترامب ومناقشة نزع السلاح النووي. وسارع الرئيس الأميركي إلى قبوله.

وعرض ترامب على بيونغ يانغ الخميس إمكان تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة، بل وزيارة كيم للبيت الأبيض إذا ما تخلى عن ترسانته النووية.
وقال إنه قد يصل إلى حد توقيع اتفاقية مع كيم لإنهاء الحرب الكورية التي انتهت بهدنة لا بمعاهدة سلام. 

ويلتقي ترامب وكيم الثلثاء الساعة 9,00 صباحا بالتوقيت المحلي (0100 ت غ) في فندق كابيلا الفاخر في جزيرة سنتوسا في سنغافورة.
وقال مصدر مطلع على جدول زيارة كيم إن من المقرر أن يغادر سنغافورة الساعة 14,00 بعد ظهر الثلثاء.

من جهة اخرى، يعزز سلوك ترامب في قمة مجموعة السبع في كندا، حيث سحب موافقته فجأة على البيان الختامي بتغريدة غاضبة، التساؤلات حول استراتيجيته الديبلوماسية وقدرته على اجراء مفاوضات دولية رفيعة المستوى.

وأبعد من الصورة التي سيلتقطها الرجلان، والتي لم يكن من الممكن تصوّرها منذ أشهر عندما كانا لا يزالان في خضمّ تصعيدهما الكلامي، تُطرح أسئلة كبيرة حول نتيجة هذه القمة التي سيراقبها العالم بأسره عن كثب.

تطالب واشنطن بنزع الاسلحة النووية الكورية الشمالية "في شكل كامل ويمكن التحقق منه ولا عودة عنه"، بينما تبرر بيونغ يانغ برنامجها النووي بضرورة مواجهة التهديد الاميركي.

وتعهدت كوريا الشمالية مرات بجعل شبه الجزيرة الكورية خالية من الاسلحة النووية. لكن هذه العبارة تحمل تفسيرات عدة، ولم يكشف يوما ما يمكن ان تكون عليه التنازلات.

يرى مايكل أوهانلون من معهد "بروكينغز" في واشنطن أن المسار الواقعي الوحيد هو عملية تجري "خطوة خطوة"، تتحقق حتما مع الوقت. وقال: "لا يمكنني تخيّل أن رجلا، كان نظامه منذ سنوات عديدة، يؤكد أنه في حاجة الى الأسلحة النووية لضمان أمنه، يتخلى عنها بضربة واحدة، حتى مقابل تعويضات اقتصادية كبيرة". 

وتحدثت واشنطن عن احتمال التوصل الى اتفاق مبدئي لوضع حدّ للحرب الكورية. وقد انتهت الحرب الكورية (1950-1953) بهدنة وليس بمعاهدة سلام، ما يعني ان الكوريتين لا تزالان في حال حرب.

وقبل مغادرته كندا، عبّر ترامب مرة جديدة السبت عن تفاؤله ازاء هذه القمة التي يأمل في أن تكون علامة فارقة في عهده الرئاسي. وقال: "أشعر بان كيم يريد أن يفعل شيئا رائعا لشعبه. ولديه هذه الفرصة".
واعتبر أن القمة "فرصة فريدة (...) لن تتكرر أبدأ". وتحدث الخميس عن احتمال دعوة الزعيم الكوري الشمالي الى البيت الأبيض اذا كان اللقاء الأول جيدا. 

من جهته، قال بومبيو الذي التقى كيم مرتين في بيونغ يانغ، انه يعلق آمالا على هذه القمة، بأسلوب أكثر تحفظا. وكتب في تغريدة: "في الطائرة "اير فورس وان" في الطريق الى قمة سنغافورة. مستقبل أفضل ممكن لكوريا الشمالية".

وبدأت في آذار تتشكل معالم هذه القمة في البيت الأبيض، عندما نقل موفد كوري جنوبي دعوة من كيم الى ترامب الذي قبلها على الفور، ما شكل مفاجئة للجميع.
واذا كان الملياردير يتباهى بانه مفاوض استثنائي، فان عددا من المراقبين يرى أنه كان أقل تشددا بكثير من أسلافه قبل الجلوس على الطاولة نفسها مع كيم.

وأشار كريستوفر هيل، وهو مفاوض أميركي سابق في هذا الملف، إلى أن "الناس يتحدثون عن قمة تاريخية (...) لكن من المهم ألا يغيب عن الأذهان أن هذه القمة كانت ممكنة لكل رئيس أميركي كان يودّ عقدها. لكن أحدا لم يرغب في ذلك، لأسباب وجيهة". 

وأكد بطل كرة السلة السابق الأميركي دنيس رودمان أنه سيكون موجودا في سنغافورة الثلثاء. زميل مايكل جوردان في فريق "شيكاغو بولز" سابقا، ذهب خمس مرات الى بيونغ يانغ، منذ وصول كيم الى الحكم، المشجع الكبير لكرة السلة، والذي يعتبر رودمان "صديق حياته".
لكن البيت الأبيض حرص على توضيح أن رودمان كان "رائعا في الملعب"، إلا أنه لن يكون له مكان في المفاوضات. وقال ترامب: "أحبه كثيرا، انه رجل جيد، لكنه ليس مدعوا".