إسهال وتقيؤ ليومين ... زوجته: "مات محمد بسبب إهمالن...آخ شو عملوا فينا"

لم تكن أعراض محمد ناصر الدين (55 عاما) الذي شكا منها تثير الريبة او الخوف، أعراض طبيعية وشائعة لا تستدعي القلق، هذا ما ظنه محمد، لكن الأمور لم تكن كما توقع. إسهال وتقيؤ لم يصمد امامهما كثيراً، مرّ يومان قبل ان تسوء حاله كثيراً، هكذا انتقل محمد من واقع يفترض ان يكون عارضاً صحياً عادياً "قطوع وبيمرق" الى "غيبوبة" لم ينجُ منها أنهت حياته بعد شهر. تفاصيل صغيرة، اهمال طبي فوفاة، توفي محمد قبل ان يتسنى له ان يرى ابنته الوحيدة تكبر امامه بعد ان انتظرها 15 عاماً.

قصة محمد أشبه برواية خيالية، يصعب عليك ان تصدق انه في ظرف يومين يمكن ان يواجه الشخص الموت. بالرغم من محاولاته في الوقاية من مضاعفات حالته والتزامه بنظام صحي خاص لهذه الحالة المرضية إلا انه لم يرتح. تروي زوجته سعاد تفاصيل ما جرى معه، دموعها كانت كفيلة في رسم المشهد، ليس سهلاً عليها ان تفقد زوجها بسبب اهمال طبي. تقول: "عانى محمد من اسهال وتقيؤ مفاجئ، وبينما كنت اتحدث معه شكا لي من انه يعاني من اسهال وتقيؤ وسيبقى في المنزل حتى يرتاح. لم اكن في لبنان. كنت مسافرة في ذلك النهار، ولكن بقيت على تواصل دائم معه".

من إسهال إلى غيبوبة

في اليوم التالي، لم يتحسن وضع محمد. قلقت عليه سعاد وطلبت منه التوجه الى المستشفى، الا انه رفض ذلك معتبراً انه يحتاج الى الوقت ليتحسن. برأيه وفق سعاد هي "مسألة وقت لا أكثر. كان وجهه شاحباً، فاتصلت بشقيقته لتُقنعه بالذهاب الى المستشفى. وبالفعل ذهب محمد الى منزل شقيقته التي قدمت له الرعاية الصحية وأعطته مصلاً في المنزل، لكن عند الساعة السابعة مساءً تدهورت حالته وتمّ نقله الى المستشفى".

تعيش سعاد في صدمة، تتحدث بغصة ووجع كبيرين. برأيها "رحل محمد نتيجة اهمال طبي، كل الناس تعاني من الاسهال والتقيؤ، ولكن محمد توفي بسبب اهمال طبي، لم يكلفوا انفسهم عناء اجراء فحوصات لمعرفة سبب ذلك. بعد ساعتين في قسم الطوارئ، لم يخضع محمد لأي فحص طبي او فحوصات مخبرية، واكتفى الطاقم الطبي بإعطائه مصلاً قبل ان يسمحوا له بالخروج. وفي طريق عودته، أغمي عليه في السيارة مع شقيقته، فتوجهت به الى أقرب مستشفى في بيروت ليتبين ان محمد دخل في غيبوبة".

السبب واحد: إهمال طبي

شهر و10 أيام في الغيبوبة، حالة محمد خالفت كل التوقعات، كان الكل يعوّل على استيقاظه لكن ذلك لم يحصل. تتابع سعاد حديثها: "قبل ساعات كان محمد يتحدث وهو في كامل وعيه، وفجأة لم يستيقظ أبداً. وعند متابعة حالته، قال لنا الأطباء لو جاء قبل ساعتين او أجري له اللازم لكان بإمكانه النجاة. وقع كلام الطبيب كالصاعقة علينا، تصريح طبي يحمل الكثير من الفرضيات والاحتمالات، كيف لم يجروا له الفحوصات اللازمة لمعرفة ما يشكو منه. أطلعنا الأطباء في المستشفى الثاني ان محمد كان يعاني من تسمم حاد أدى الى كسل في الكلى وتضخم في الرئة وجلطات في الرأس قبل ان يغمض عينيه في 6 نيسان.( من شهر ونصف تقريباً)".

كانت الدموع تخذل صوت سعاد، تسبقها عند كل تفصيل او محطة. تستعيد كل ذلك بحزن كبير، رحل محمد نتيجة اهمال، سبب يجعلك تموت مئات المرات كل يوم. انتظر محمد ابنته أكثر من 15 عاماً قبل ان ترى النور، لكنه رحل قبلها، يا لسخرية القدر. تضيف سعاد "لم يعد مهماً البحث في النظريات طالما ان السبب واحد وهو الإهمال. نحن نكدح ونعمل طيلة حياتنا لنموت على ابواب المستشفيات اذا لم نكن نملك المال الكافي، او نتيجة اهمال طبي ولا من يحاسب. لقد اعطوا محمد مصلاً، وفي حالته لم يكن عليه ان يأخذه، لأنه كان يتعرض لجلطات، والمصل يحتوي على ملح. لم يجروا له اي فحوصات طبية ومخبرية، اكتفوا بإعطائه مصلاً والسماح له بالخروج، في النهاية "راح محمد هيك".