"حزب الله" يطالب بوزارة التخطيط... مخاوف حول الصلاحيات وإقرار مؤجل؟

ندى أيوب

شعار مكافحة الفساد الذي رفعه #حزب_الله خلال حملته الانتخابية استدعى منه المطالبة باستحداث وزارة للتخطيط. الهدف "وقف الإهدار في بلدٍ غارق في أزمات على غير مستوى من خلال وزارة عرفها لبنان قبل عقدين ونصف عقد واختفت لمصلحة مجالسٍ تُبرِمُ الصفقات والمناقصات الأكبر كلفة على الموازنة العامة وإن اتخذ القرار بإنشائها سيكون أحد أدوارها "الحد من أحد مصادر الفساد تلك" برأي المطالبين بالوزارة المذكورة، إضافة الى وضع رؤية اقتصادية واجتماعية يحتاجها لبنان للمدين المتوسط والبعيد هذا إن وجدت... وعلى الأرجح "لن توجد".

تقتصر موازنات الحكومات اللبنانية على أرقام للانفاق العام والجباية مفتقدة إلى أي رؤية اجتماعية واقتصادية وهنا دور كبير يمكن لوزارة التخطيط أن تلعبه بوضعها تلك الرؤية بخاصة في مشاريع البنية التحتية ومتطلبات المجتمع للسنوات القادمة إلى جانب قدرتها على المساهمة في كيفية تطوير الاقتصاد وتوجيهه من اقتصاد ريعي لا يوجد فرص العمل كحال الاقتصاد اللبناني راهناً الى نحو اقتصادات منتجة. هكذا يلخص الخبير الاقتصادي غازي وزني دور وزارة التخطيط.

من المعلوم أن حكومات ما قبل الحرب الأهلية ضمت تركيباتها #وزارة_التخطيط وحملت آنذاك اسم وزارة التصميم العام الا أن قانوناً أُقِرَ عام 1977 ألغى وزارة التصميم العام ليحل محلها عدد من المجالس أهمها مجلس الانماء والاعمار. استحوذ هذا الاخير على صلاحياتها وأصبح من أقوى المؤسسات الرسمية التابعة لرئاسة مجلس الوزراء مباشرة. وفي حال أقرت الوزارة المنشودة في التشكيلة الحكومية المنتظرة يتوقع وزني أن "تتحول المجالس إلى أذرع لها كأجهزة تنفيدية تخضع لرقابة مشددة من الوزير المكلف لكونها إحدى مصادر الفساد وبذلك تصبح أكثر انتجاية وفعالية".

يحبّذ وزني في حديثه الى "النهار" أن ينتقل انتماء المجالس إلى وزارة التخطيط لكون مسؤوليات رئاسة الحكومة كبيرة وواسعة الأمر الذي يصعب معه ممارسة رقابة مشددة منها على تلك المجالس. العوامل كافة مجتمعة من غياب التخطيط وصولاً الى ضعف فعالية المجالس بفعل الإهدار والفساد نتيجة عدم ممارسة رقابة فعالة أوصلت الحال الى ما هو عليه اليوم، وإصلاحه على الأرجح لن يكون من حصة الحكومة الحالية فإعادة إحياء الوزارة يحتاج إلى قانون من المستبعد جداً برأي وزني أن يجتمع مجلس النواب لإقراره وبذلك يقتصر الأمر على أن يتحول مطلب "حزب الله" الى توصية ربما يؤخذ بها في المرحلة القادمة.

وفي بداية العهد الرئاسي الجديد رفع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون شعار مكافحة الفساد عينه، وعليه استحدثت وزارة الدولة لشؤون التخطيط في حكومة العهد "البكر" مجردةً من أي صلاحيات لكون انشائها أتى في إطار تكملة عدد التركيبة الحكومية فقط. تجربة جعلت "حزب الله" يشدد على ضرورة أن تكون الوزارة بنسختها الحالية فاعلة وأي مشروع ينفّذ في الدولة يمر عبرها حكماً، وهنا يتخوف الوزير السابق نبيل دوفريج من "تضارب في الصلاحيات بين الوزارة وبين رئاسة الحكومة المنوط بها التنسيق بين الوزارات"، سائلاً عن التصور والهيكلية التي يراد في إطارها إعادة إحياء الوزارة كي لا يصبح دورها معرقلاً.

"العنوان جميل... والشيطان يكمن في التفاصيل" يقول دوفريج لـ"النهار"، لافتاً إلى أنه "في حال مُنِحَت وزارة التخطيط صلاحيات المجالس لتمر عبرها مشاريع الدولة ستتنازع القوى السياسية على توليها".

يثير مجلس الإنماء والإعمار شكوك كثيرين حول عمله، الأمر الذي يعتبره دوفريج "اتهاماً سياسيا". تختلف الآراء كاختلاف اللبنانيين حول معظم الملفات. فأي صيغة ستعتمد في انشاء "الوزارة المنقذة"، وهل يبدأ الإصلاح بإقفال المجالس أم سنكون أمام وزارة بلا هيكلية ولربما يؤجل استحداثها الى الحكومة المقبلة بعد اقرار قانون اعادة الاحياء، سيناريوات عدة برهن الأيام المقبلة.