الحريري العائد بتكليف 111 نائبا...تأليف سريع يتجاوز العقبات؟

بثقة 111 نائبا، يعود الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة لتأليف حكومته الثالثة منذ بداية مشواره السياسي عقب اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري، والثانية في عهد الرئيس ميشال عون، والذي يحرص الاخير على ان تكون بمثابة الاولى، ما يعزز الانطباعات برغبة القوى السياسية في استعجال التشكيل.

وبالفعل، فقد عكس هذه الرغبة اتجاه الحريري الى عقد استشارات التأليف يوم السبت المقبل، على ان يخصص لها يوم واحد، علما ان اوساط رئيس المجلس لفتت الى ان الاستشارات لن تكون قبل الاثنين، وذلك حرصا على عدم اضاعة الوقت في المشاورات، وذلك انطلاقا من معطيين اساسيين:

- الاول ان معظم الكتل السياسية الكبرى تدرك المخاطر والتحديات السياسية والامنية والاقتصادية والمالية التي تواجه الحكومة، وهي ما اشار اليها الحريري بنفسه في بيان قبوله التكليف.

- الثاني ان لا رغبة لدى المكونات الاساسية في الدخول في الكباش السياسي على الحقائب انطلاقا من معادلة الاحجام والاوزان. وتعزو مصادر سياسية الامر الى ان مسألة الاحجام حددتها الانتخابات النيابية وان ترجمتها في الحكومة لن يأتي مرضيا لأي فريق. كما ان "حزب الله" يبدي رغبة في تسريع التأليف، وهو سيشكل عاملا مسهلا لذلك معولا على الاكثرية النيابية التي تؤمن له الكلمة الفصل في القرار السياسي وفي الابقاء على اي حكومة او حجب الثقة عنها. لكن المصادر لا تخفي خشيتها من ان يشكل الفريق المسيحي العقبة الاساسية امام التأليف. وفهم في هذا المجال ان رئيس الجمهورية اعرب امام عدد كبير من المشاركين في الافطار الرئاسي في قصر بعبدا عن سعيه الى تذليل كل العقبات التي يمكن ان تواجه التأليف او تعيقه. ويأتي لقاؤه مع رئيس "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع في قصر بعبدا من خارج التقليد البروتوكولي في يوم الاستشارات الملزمة، ليؤكد هذا الامر، وليشي برغبة الرئيس بتلافي اي مواجهة مع القوات يمكن ان تنجم نتيجة استئثار "تكتل لبنان القوي" مع العهد بالححص المسيحية، لئلا يحرج القوات فيخرجها لتتحول الى معارضة عاتية في وجه العهد.

وكانت حصيلة يوم الاستشارات النيابية الطويل الذي شهده قصر بعبدا، ادى الى ما يشبه الإجماع على الحريري اذ حصد 111 صوتا، لم يخرقه الا إحجام كتلة الوفاء للمقاومة (13 نائبا) عن تسميته التزاما بموقف ثابت في هذا الشأن، ومعها النواب جهاد عبد الصمد من "التكتل الوطني" وأسامة سعد وجميل السيّد وبولا يعقوبيان، في حين أودعت كتلة الحزب القومي السوري (3 نواب) رئيس الجمهورية اسم مرشحها الذي لم تشأ الافصاح عنه، وهذا ما فعله ايضا النائب عبد الرحيم مراد والذي تبين لاحقا انه سمى الحريري.

وكانت المفارقة الكبيرة في يوم الاستشارات، اعلان "كتلة الكتائب" تسميتها الحريري لـ"اعطائه فرصة"، في موقف وثصف بالعاقل والحكيم للجميل والذي جاء نتيجة قراءة متأنية لنتائج الانتخابات وما ستسفره على الصعيد الحكومي. فيما شكل حضور رئيس حزب "القوات اللبنانية" الى بعبدا على رأس كتلة "الجمهورية القوية"، مفاجأة باعتبار ان جعجع ليس نائبا ، وبعدما غاب عن افطار الامس، بحيث فُسر الامر على انه تعويض عن الغياب عن الافطار. وعقد خلوة ثنائية مع عون، تمنى على اثرها ان "يتم التعاطي مع الثنائي المسيحي حكوميا، كما يتم التعاطي مع الثنائي الشيعي وان يصار الى أخذ نتائج الانتخابات في الاعتبار"، معتبرا ان "ما حصل امس مع القوات في هيئة مكتب المجلس "منّو حلو". وتوجه الى الرئيس نبيه بري بالقول "إن الأشخاص الواضحون هم أفضل من يمكن التعاطي معهم باعتبار ان الوضوح في المواقف مهم جداً ويأتي نقيض المراوغة والتقلب في المواقف".

 وبعد انتهاء الاستشارات، اعلن الحريري من بعبدا أنه بدءاً من هذه اللحظة سينكب على تشكيل الحكومة والآراء تجمع على تشكيل حكومة اتفاق وطني.

وقال: "شكرت الرئيس عون على ثقته وثقة النواب الذين صوتوا لي وسأبدا مهمة تشكيل الحكومة من هذه اللحظة"، مضيفا "سأنكب على مهمة تشكيل بعد الاتفاق مع بري على مواعيد الاستشارات النيابية".

وكشف أنه "لدى الجميع نية في تسهيل عملية تشكيل هذه الحكومة وما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا"، معتبرا انه "سيكون امام الحكومة متابعة أزمة النزوح السوري ومتابعة الاصلاحات التي وعدنا بها".

ولفت الى ان الحكومة الجديدة مدعوة لترسيخ الالتزام بسياسية النأي بالنفس ومتابعة الجهود لمواجهة ازمة النزوح السوري، متابعا "أمد يدي الى جميع المكونات السياسية في البلد للعمل معا لتحقيق ما يتطلع اليه اللبنانيون ولن أوفر جهدا في العمل على تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن".

وقال: "علينا العمل على مكافحة الفساد، والكلام الذي صدر عن فخامة الرئيس بالأمس بهذا الشأن مهم جداً ويجب البناء عليه".

وعليه، لا تستبعد المصادر السياسية ان تنطلق استشارات التأليف بزخم انطلاقا من مناخ توافقي عبر عنه ايضا رئيس المجلس من بعبدا عندما تحدث عن حكومة وحدة وطنية.