الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الطفل جاد يتحدى التوحد... "نعم استطيع الطيران عالياً"

المصدر: "النهار"
الطفل جاد يتحدى التوحد... "نعم استطيع الطيران عالياً"
الطفل جاد يتحدى التوحد... "نعم استطيع الطيران عالياً"
A+ A-

قد تكون قصة جاد أبو عنق مشابهة لمئات الأطفال المصابين بالتوحّد، بعضهم استسلم أهله لضغوط المجتمع، وبعض آخر لم يستطع الأهل التعامل معهم، فتدهورت حال الطفل من دون فهم ماذا يريد، وهل فعلاً هو طفل عدائي أم انه يريد التعبير ولكن من دون جدوى؟ في حين ان البعض الثالث، وهو النسبة الادنى، تفهّم الأهل وضعهم، لا بل تحدّوا المجتمع وعبّروا عن حبهم لأطفالهم مقتنعين بالحالة من دون أي تردد رغم بعض حالات اليأس التي تصيب الأهل بين فترة واخرى.  

جاد أبو عنق، طفل لم يتجاوز الست سنوات، يعاني من طيف التوحد منذ عمر السنة ونصف السنة، بدأت الأعراض بالظهور عليه عندما لاحظ الأهل تصرفات غير طبيعية عند طفلهم، كالصمت الدائم وعدم الضحك، وكذلك عدم التركيز، وبعد فحوص عدة، أُبلغ الأهل أن الطفل طبيعي ولا يعاني من أي أزمة صحية.

تدهور حالة جاد وقع كالصاعقة على الأهل، إلا ان الأب تفهّم وضع ابنه وبدأ البحث عن سبل لمساعدة جاد، فالطفل يحاول التعبير عن أمور كثيرة تدور في رأسه لكن وضعه لم يكن مساعداً. ومن مركز طبي الى آخر رفض البعض تشخيص حالة جاد معتبرين أنه في سن مبكرة، وكان الجواب الصاعق: "خلّينا ننطر".

الانتظار كما أراد الأطباء لم يكن مقنعاً للأهل، وفي محاولة لإعادة النطق لطفل مفعم بالحياة، أُخضع لعلاج occupational therapist.

ومن علاج الى آخر، لم تكن الرحلة سهلة على جاد واهله، الى أن بدأ بعلاج aba، وهو علاج متخصص بالتوحّد يجمع كل العلاجات بعضها مع بعض، لتنطلق معها مرحلة جديدة من حياة جاد.

حالة جاد قد تكون بالطبع مشابهة لأطفال من عمره، لم يستطع الأهل إما تقبّل الفكرة وإما عدم معرفتهم بكيفية التعامل معها، فبحسب والدته ربى أبو زيد: "بكينا كتير وزعلنا كتير ولكن رجعت قلت انّو في مصايب كبيرة. وجاد منّو مريض وما عندو سرطان ولا أي مرض خطير. جاد بدّو شوية شغل وبدو يتطور، وجاد عم يتعلم ويتقدم وعم نجرّب نعطيه قد ما فينا أدوات ليقدر يتواصل مع المجتمع بطريقة معينة".

وتتحدث والدته عن تجربتها فتقول: "أنا لا أريد أن أغيّر جاد، أنا تأقلمت مع وضعه، جاد شخص يمتلك حنانا كبيرا، وقلباً كبيراً، وهو شخص ذكي جداً، جاد شخص مميز، لكن المشكلة تكمن في المجتمع وفي من حوله، فالمجتمع لا يرحم ولا يتقبل وضعه كما وضع مئات الاطفال في لبنان".

وعن الأسباب التي دفعتها الى الكتابة وإجراء أبحاث على حالة جاد، أكدت والدته "أن جاد ليس بمريض ولا بحاجة للعلاج، هو كما هو ولا أريد أن أغيّره، كل ما في الأمر أن المشكلة تكمن في المجتمع. وقد قال لي أحد الأطباء في دبي ماذا يعني أن لديه توحداً. هل هناك مشكلة إذا تحدث ولم ينظر إلى عينيك؟ هناك أشخاص تصادفهم يومياً ولا ينظرون إليك، المشكلة الحقيقية بعدم تقبّل الناس".

 وأكدت ربى أن جاد ليس بطفل عدائي، وهي تحاول أن تفهمه وتفهم من هم مثله: "تخيل أن لديك أفكاراً وتريد أن تعبر عنها ولا يمكنك نطقها!... ابني طفل حنون فهو يعبر عن حبه لي عبر الإشارات واللمس. يضع وجهه على وجهي ويبتسم، حينها أمتلك الدنيا وما عليها". 

ومن الأمور التي يفضلها جاد المغامرة، فقبل أيام قام برحلة فوق منطقة جونية بواسطة المظلة. وعن شعوره خلال الرحلة اعتبرت والدته أنها مغامرة شيقة "فطفل في عمره يطير في السماء ورجلاه في الهواء أمر يحتاجه الكبير قبل الصغير وهو ما يحتاجه بالفعل جاد. الفرحة كانت واضحة على وجهه، كان ينظر حوله مستغرباً، لم يكن يشعر بالخوف، حتى أن مدربه لاحظ ذلك... كان فرحاً ومندهشاً وكأنه يريد أن يبقى في السماء طوال الوقت، كانت رحلة ممتعة، بالطبع سيعيد جاد تكرار الرحلة وربما رحلات اخرى ومغامرات اخرى، فكل ما يطلبه هو الفرح".

وما زاد من فرحة جاد خلال الرحلة هو "الطيران" فوق الماء، فهو تسجل في صف لرياضة "الجمباز". كان فرحاً بطريقة لا توصف، ولكن كان يجد نفسه أكثر في السباحة، ولا يمكن وصف فرحته عندما تضعه في الماء، هو طفل لديه طاقة كبيرة ولياقة عالية، هو فعلاً مختلف عن ابناء جيله. "جاد طفل محب وصاحب ارادة قوية، لا اريده ان يتغير. انا فرحة به وفخورة بما وصل اليه، وبالطبع سيصل الى مراحل متقدمة لن نتوقعها".

وعن شعورها كوالدة، أكدت ربى انها في بداية الأمر كانت تشعر بالحزن، ولكن وضع ابنها أفضل بكثير من أطفال آخرين، فجاد ليس بالعدائي، "هو محب ولكنه لا يستطيع التعبير بشكل واضح... هناك العديد من المشاكل المتعبة ولكن تبقى المشكلة الأهم هي المجتمع. أنا أحارب الجهل الموجود لدى العديد من الأشخاص عبر الكتابة، وعبر القول إن ابني ليس مريضاً ولا يحتاج إلى علاج. اتركو على راحتو. لن يؤذي أحداً".


ما هو التوحد؟

اضطراب التوحد هو مصطلح واسع يصف مجموعة من اضطرابات النمو العصبي، ويمكن ان يتضمن متلازمة أسبرغر واضطراب الطفولة التحللية.


من يعاني التوحد عادة ما يجد صعوبة في التعامل الاجتماعي والعاطفي ومع المجتمع المحيط به. ويُعتقد بشكل عام ان مرض التوحد يكون جراء اصابة بنية الدماغ بتشوهات. هذه الحالة تُصيب 1 من أصل 160 طفلاً حول العالم. ويقوم المصابون بالتوحد بتكرار سلوكيات محددة ولا يغيرون انشطتهم اليومية. 

اعراض التوحد


بالرغم من أن كل طفل يعاني من اعراض مرض التوحد، يظهر طباعا وأنماطا خاصة به، إلا أن المميزات الآتية هي الأكثر شيوعا لهذا النوع من الاضطراب: 

* يعاني من الضعف المعرفي والإدراكي إلى حد ما.

* عدم التفاعل مع الآخر.

* يقوم ببعض حركات الجسم المتكررة مثل الاهتزاز، أو التلويح باليدين، وغيرهما من الحركات.


* يتمسك ويرتبط بأغراض معينة. 


* يقاوم اي تغيير يطرأ على الروتين الخاص به. 


* يظهر سلوكيات عدوانية أو مضرة ومؤذية له. 


* أحياناً يصاب بنوبات تشنج وصرع. 


* بعضهم يظهر انزعاجاً من الأضواء والأصوات والزحمة 


* لا يستجيب لمناداة اسمه. 


* منعزل ومتقوقع على نفسه.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم