هيئات مكافحة الفساد تجتمع في بيروت بمشاركة 28 دولة

افتتح "الملتقى العربي لهيئات مكافحة الفساد ووحدات الإخبار المالي" برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد #الحريري ممثلاً بالنائب باسم الشاب. تنظم الملتقى هيئة التحقيق الخاصة (وحدة الإخبار المالي اللبنانية) بالشراكة مع كلّ من مجموعة المينافاتف والشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد (ACINET) وبدعم من الأمم المتحدة ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية و"مجموعة إغمونت لوحدات الإخبار المالي وتولت مجموعة الاقتصاد والأعمال تنظيم هذا الحدث.

ينعقد الملتقى على هامش الاجتماع العام الـ 27 لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا (مجموعة المينافاتف) الذي عقد في بيروت برئاسة لبنان على مدى خمسة أيام.  

استهل رئيس مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أمين عام هيئة التحقيق الخاصة في لبنان عبد الحفيظ منصور كلامه بالقول إن مكافحة الفساد الجدية لم تجد لها سبيلاً إلى التطبيق في الكثير من دول العالم لاسيما النامية منها مع عدم إغفال ان الدول المتقدمة تشهد ايضا حالات فساد هامة وكبيرة. وأضاف أن أبلغ دليل على تفشي الفساد هو في مبالغ الرشاوى التي تدفعها المؤسسات والأفراد سنوياً على النطاق العالمي، وتظهر دراسات البنك الدولي ان خسائر الفساد تشكل ما معدله 2 في المئة من الناتج القومي العالمي، وتعادل نحو 10 مرات قيمة المساعدات التي تقدم للدول النامية، وبكلام آخر فإن معظم هذه الدول قد تستغني عن المساعدات في حال نجاحها في الحد من تنامي الفساد ومكافحته بشكل فعال.

ولفت منصور إلى أن البنك الدولي اعتبر الفساد تحدياً كبيراً، وعائقاً أساسياً بوجه تحقيق هدفين متلازمين في خطة عمله هما إنهاء الفقر المدقع بحدود عام 2030، ورفع المشاركة الاقتصادية لنسبة 40% من السكان في الدول النامية.

وشدّد رئيس قسم مكافحة الفساد في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية باتريك موليت على الالتزام والمسؤولية في محاربة الفساد الذي يكلّف الأفراد والشركات 1.5 تريليون دولار سنوياً ويبقى المعوق الأول لتحقيق الاستدامة الاقتصادية والتطور السياسي والاجتماعي للدول على كافة الأصعدة، كما أنه يهدد الأمن والسلام حول العالم.

وأوضح أن النظرة إلى الفساد تغيرت اليوم حيث تلقى محاربة الفساد اهتمام المجتمع العالمي والحكومات والمجتمع المدني والتي وضعت المسألة على سلم أولوياتها. وإذ أشار إلى حصول تطور في محاربة الفساد إلا أنه لا تزال هنالك بعض التحديات أهمها الحاجة إلى إطار قانوني قادر على محاربة الفساد في الكثير من الدول وتفعيله. غير أنه متفائل من وعي الدول لخطورة الموضوع وهي تتعاون في سبيل إيجاد الحلول الملائمة لا سيما في مجال مشاركة المعلومات.

وقال نائب المنسق العام للأمم المتحدة في لبنان فيليب لازاريني إن الملتقى العربي لهيئات مكافحة الفساد ووحدة الإخبار المالي يأتي في أوانه حيث تواجه البلدان العربية تحديات جديدة، ومخاطر بيئية وسياسية جديدة، لافتاً إلى أن كلفة الفساد تتجاوز في الواقع القيمة المالية حيث أن كلفتها الحقيقية تؤثر على البشر، وذلك إذا ما أخذ في الاعتبار عدد الطرقات والجسور والمستشفيات والمدارس والمحاكم ومراكز الشرطة التي كان من الممكن بنائها وتجهيزها وبالتالي الأرواح التي كان من الممكن إنقاذها فيما لو تم ذلك.  

وأشار إلى أن الدراسات تظهر الترابط الوثيق بين الفساد والازدهار الاقتصادي. ويظهر بحث لمؤسسة النقد الدولي أن الاستثمار في بلدان فاسدة هو تقريباً أقل بنسبة 5 في المئة مقارنة بالدول الخالية من الفساد إلى حد ما. مذكراً بأن تقديرات منتدى الاقتصاد العالمي تشير إلى أن الفساد يساهم في رفع كلفة ممارسة الأعمال إلى نسبة تلامس 10 في المئة. ويقدر البنك الدولي إلى أن 20 إلى 40 مليار دولار أي ما يعادل 20 إلى 40 في المئة من المساعدات الموجهة للتنمية تتم سرقتها من الميزانيات العامة في البلدان النامية.

وإذ شدّد لازاريني على أن الفساد يعد المعوق الرئيسي أمام التنمية المستدامة، أكد التزام الأمم المتحدة مكافحة الفساد، لافتاً إلى وجود قناعة راسخة لدى المنظمة بأن النجاح في هذا المجال سيكون عنصراً أساسياً ضمن Global Agenda 2030 بما فيها أهداف التنمية المستدامة.

 
من جهته، تحدث حاكم مصرف لبنان رياض سلامه عن هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان التي تأسست بموجب القانون 318/2001 تاريخ 20/4/2001: وهي هيئة مستقلة، ذات طابع قضائي، تتمتع بالشخصية المعنوية، غير خاضعة في ممارسة أعمالها لسلطة مصرف لبنان. مهمتها تلقي الإبلاغات وطلبات المساعدة وإجراء التحقيقات في العمليات التي يشتبه بأنها تشكل جرائم تبييض أموال او جرائم تمويل إرهاب، واتخاذ القرار المناسب بشأنها. وذلك قبل أن تكون جريمة الفساد آنذاك من بين الجرائم الأصلية لتبييض الأموال وفق القانون المذكور. 

وذكّر بإتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد UNCAC التي أُجيز للحكومة اللبنانية بموجب القانون رقم 33 تاريخ 16/10/2008، وبموجب القانون 32 الصادر بذات التاريخ أعطيت هيئة التحقيق الخاصة، حصرياً صلاحية تجميد ورفع السرية المصرفية عن الحسابات المصرفية وذلك تطبيقاً للاتفاقيات والقوانين المرعية الإجراء المتعلقة بمكافحة الفساد لاسيما إتفاقية الأمم المتحدة المذكورة أعلاه.

وأوضح أنه عند تعديل قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب في العام 2015، تمّ توسيع فئات الجرائم الأصلية لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب لتصبح 21 جريمة تماشياً مع معايير مجموعة العمل المالي والتي شملت الفساد بما في ذلك الرشوة وصرف النفوذ والاختلاس واستثمار الوظيفة وإساءة استعمال السلطة والإثراء غير المشروع والتهرّب الضريبي وفقاً للقوانين اللبنانية، مشيراً إلى أن هيئة التحقيق الخاصة، وهي وحدة الإخبار المالي اللبنانية، تستوفي جميع المعايير الدولية المطلوبة وهي الهيئة المركزية الوطنية لتلقي تقارير العمليات المشبوهة – من الجهات الملزمة بالإبلاغ ومن كافة الجهات الداخلية والخارجية – وتقوم بتحليلها وتحليل المعلومات المجمّعة تمهيداً لاتخاذ القرار المناسب بشأنها.  

وفي ختام كلمته دعا حاكم مصرف لبنان الحكومة الى تعيين القضاة في المحكمة المنشأة لدى هيئة الأسواق المالية لكي يكون لتقارير لجنة التدقيق في هذه الهيئة فعالية أكبر في أعمالها. 

بدوره، توجه النائب باسم الشاب ممثلاً رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إلى المشاركين منطلقاً من مشاركتهم في الملتقى ليذكّر بأن مشكلة الفساد تطال المنطقة والعالم برمّته وليس لبنان وحده. وأشار إلى أن هنالك الإجماع في لبنان حول الفساد كونه مشكلة وآفة لا بد من معالجتها، مشدداً على وجوب تضافر الجهود داخل المجتمع اللبناني لمكافحتها، من خلا التشريعات اللازمة وإن لم تكن وحدها كافية لذلك.

وشدّد على أهمية الحريات في عملية مكافحة الفساد لأن الأخير "يعيش في الظلام"، موضحاً أنه من خلال الإعلام لا بدّ من أن يخرج الفساد إلى الضوء.  

اقرأ أيضاً: الكلام على الفساد يَكثُر في الانتخابات ولا جواب عن "من أين لك هذا"؟