تقويم أولي لانتخابات المغتربين

طرح مشهد انتخابات المغتربين اللبنانيين في افريقيا وأوروبا والأميركيتين تساؤلات عدة عن مدى نجاح هذه التجربة في ظل القانون النسبي الطائفي. فمجريات العملية الانتخابية في مرحلتها الثانية نجحت نسبياً لكنها عانت من بعض القصور في الإدارة والاداء، وأظهرت أن اللبنانيين منقسمون ايضاً في الخارج، وكأن الاصطفافات صدرت اليهم من لبنان.

وفي تقويم أولي لانتخابات المغتربين التي لم تكن على قدر التوقعات يمكن تقديم الملاحظات الآتية:

- يتبين أن اللبنانيين في الخارج منقسمون سياسياً وطائفياً أيضاً، وتتحمل الأحزاب والتيارات اللبنانية مسؤولية الاصطفاف في الخارج، والذي انسحب على أكثر من مدينة في 33 دولة انتخب فيها المغتربون.

- يظهر من خلال مجريات اليوم الانتخابي الطويل أن نسب الاقتراع كانت متفاوتة بين دولة وأخرى، وهي لم تكن على قدر التوقعات، ما يعني أن عدداً من اللبنانيين تسجلوا وهم غير مقتنعين بالانتخاب، وبعضهم لم يتوقع اجراء الانتخابات في الخارج نهائياً.

- لم يشعر أهل الاغتراب أو القسم الأكبر منهم بأن الانتخابات تهمهم فعلاً، وهذا ما انعكس على نسب التسجيل في الانتخابات، من الدول العربية الى العالم، فكيف في دولة على سبيل المثال يتسجل للانتخاب 2500 لبناني من أصل 140 ألفاً يعيشون ويعملون فيها.

- كان لافتاً في مجريات العملية الانتخابية الغياب الفادح لممثلي المجتمع المدني، ما يدل على أن اللبنانيين في الخارج يتبعون ويؤيدون قوى سياسية وطائفية في السلطة.

- يتضح في انتخابات الخارج أن عدداً كبيراً من اللبنانيين الشيعة لم يستطيعوا التقدم الى صناديق الاقتراع في دول عديدة، تركز حضورهم في افريقيا خصوصاً في أبيدجان وفي ألمانيا، فيما غابت أكثريتهم عن الانتخابات في الولايات المتحدة وكندا وأوستراليا وفرنسا ودول أوروبية أخرى.

- يتضح أن إدارة عملية انتخابية في الخارج تحتاج الى تحضيرات أكثر من التي قدمتها الدولة، فالقصور كان واضحاً في التدقيق في لوائح الشطب، وفي ضعف المراقبة، وفي إصدار جوازات السفر وإيصالها، وفي تأمين صناديق اقتراع كافية في عدد من المدن في العالم، فكيف اذا كان عدد المسجلين يتخطى مئات الآلاف من اللبنانيين في الخارج؟

- يبقى نقل صناديق الاقتراع من الدول البعيدة مشكلة قائمة، وبعضها يحتاج الى أيام لبصل الى لبنان، خصوصاً وان الشركة الناقلة لديها برامج خاصة وتأخذ بالاعتبار أيام عطل الموظفين، فماذا لو تأخر وصول الصناديق؟ وألم يكن ممكناً وجود برامج الكترونية تصدر النتائج في الوقت المحدد؟

- تبقى المشكلات التقنية التي واجهت المقترعين مسألة تحتاج الى حل ومتابعة، خصوصاً وأن العديد من المسجلين الكترونياً لم يجدوا أسماءهم ليقترعوا. وهذه ليست أخطاء بسيطة بل تؤثر على عملية الاقتراع والنتائج، كون العدد المسجل ليس كبيراً.

- أظهرت مجريات العملية الانتخابية أنها دون سقف التوقعات، إذ أن المراهنة كانت على أن يقدم أهل الاغتراب تجربة نموذجية ديموقراطية تنعكس إيجاباً على اللبنانيين في الوطن، فإذا بهم يمارسون حقهم الانتخابي من خلفية الانقسام السياسي والطائفي والاصطفافات ايضاً. في حين أن كلفة االانتخابات في الخارج لم تعط نتائج بحجمها اذا كان الحديث عن أنها انجازاً استثنائياً.