هل ستنتخب يا غسان؟ أسأل وأبتسم!

غسان صليبي

جميلٌ ان تكون الابتسامة هي ما يجمع بين المرشحين للانتخابات النيابية. 

فمعظمهم يبتسم في صورته الدعائية.

لكن، لا أحد يعرف سبب الابتسامة.

حتى هم ربما لا يعرفون.

يبدون مطمئنين إلى وضع البلاد.

إذ، لا افلاس في الافق على رغم كل المؤشرات.

ولا حرب إسرائيلية إيرانية على رغم كل الدلالات.

ولا خوف على الحريات المنتهكة، ولا شيء مقلقاً في التفاوت الكبير المتصاعد بين مداخيل المواطنين، ولا في تزايد الفقر والبطالة.

ولا يبدو الفساد وباءً قاتلاً، ولا هجرة الشباب كارثةً وطنية، وليس ثمة مشكلة في تكاثر الأمراض بفعل القلق اليومي والتلوّث البيئي والنفايات.

ربما هم قلقون على الأوضاع. لكن الابتسامة تريد ان تقول لنا انهم واثقون من قدرتهم على مواجهة التحديات ببرامجهم التي لن يكشفوا عنها الا عندما ينتخبون.

وقد تكون الابتسامة تعبيراً عن الفرحة بأنهم مرشحون. محض مرشحين فحسب.

... مع ما يرافق ذلك من نبرة وادعاءات ومصفقين.

لا تدل ابتسامتهم على انهم مهجوسون بالصوت التفضيلي، على رغم ان خبثاء قد يرون في الابتسامة استجداء للصوت التفضيلي.

ولا أثر ايضاً في الابتسامة، لأي امتعاض أو خجل من

كيفية تشكيل اللوائح على أسس صلبة من الانتهازية والوصولية.

يبدون مطمئنين ويبتسمون.

هم يبتسمون لي، وأنا أبتسم لهم أيضاً.

الابتسامة تستدعي الابتسامة.

لكن لابتسامتي دوافعها الخاصة.

فمنذ انتشار صور المرشحين وأنا أعيش لحظات ديموقراطية نادرة.

كيف لا، وها هم المرشحون يطالبون بصوتي التفضيلي.

في الماضي كان معظمهم يتكتل ضدي، ومعظمهم بالتأكيد سيتكتل ضدي في المستقبل.

أما اليوم، فهم يتنافسون على إرضائي.

انها فعلا لحظات ديموقراطية نادرة، يطبَّق فيها الدستور، وأعود خلالها كمواطن، مصدر السلطات.

لكنها لحظات، مجرد لحظات فحسب.

سيعود بعدها كل شيء إلى ما كان عليه.

صوتي التفضيلي ستبتلعه لائحة هجينة لا رابط بين أعضائها، او لائحة محترمة لن تحصل في الأرجح على الحاصل الانتخابي.

النواب الذين سينتخبون، الصالحون أو غير الصالحين، ستكتم أصواتهم كتل نيابية يتزعمها أمراء الحرب والمذاهب.

والكتل النيابية ستدخل في تفاهمات أو تسويات، لا تحددها القيم ولا البرامج السياسية ولا الاعتبارات الوطنية، بل موازين القوى الإقليمية التى يشكل العنف عمودها الفقري.

لا يختلف الأصدقاء الذين اشبههم ويشبهونني على هذا التوصيف.

لكن بعضهم يدعو إلى المقاطعة والبعض الآخر إلى التصويت للمرشح(ة) المعارض(ة) للطبقة السياسية، خطاباً وسلوكاً.

لكل وجهة نظر حيثياتها وما يترتب عليها. لكني اعتقد انه في ظل الوضع القائم، لن يؤثر التصويت او المقاطعة الا في نفس الذي سيختار بين هذا السلوك او ذاك.

العلاقة مع الذات هي أساسية لكل مواطن شريف في هذا البلد، فهي السند الأهم في ظل هذا الانهيار الشامل الذي يحيط بالمرء.

هل ستنتخب يا غسان، ومَن؟

أسأل نفسي التي أحرص عليها، وأبتسم.