تنوع في المنية: المستقبل يتقدم وحماوة مع العزم

رلى حميد


لطالما شكلت المنية بيضة قبان في مختلف المعارك الانتخابية، وكانت صناديقها عامل قلب ميزان القوى لمصلحة "تيار المستقبل" وتحالف الرابع عشر من آذار في انتخابات 2009، واستكمالاً لها في الانتخابات الفرعية سنة 2010 إثر رحيل النائب صالح الخير، ليحل محله ابنه كاظم على لائحة المستقبل، وأطلق المنياويون على مدينتهم تسمية مدينة الرئيس رفيق الحريري.

 
رئيس التيار الأزرق ورئيس الوزراء الحالي سعد الحريري أراد تغيير تمثيل التيار في المنية في الانتخابات الحالية، فاعتمد عثمان علم الدين مرشحاً للتيار، بدلاً من كاظم الخير. 

 
شكلت عملية التغيير في مجتمع عائلي- عشائري كالمنية، لم يعتد بعد على المفهوم الحزبي، عامل إثارة لم يتقبلها الخير. فانقلب على التيار الذي اوصله إلى ساحة النجمة، وتحالف مع خصمه نجيب ميقاتي. 

 
أعطى هذا التغيير زخماً غير مرتقب للمعركة في المنية، خصوصاً أن الترجيحات والدراسات تؤشر إلى فارق يراوح بين الثمانمئة والألف صوت لمصلحة علم الدين، وتيار المستقبل، بينما يناهز عدد المقترعين الـ 43 ألف صوت. 

 
خطوة الحريري لم تمض بالسلامة، فنشأ قطاع شعبي واسع نسبياً رفض عملية التغيير، فانقلب ليصبح خصماً للمستقبل لكن دون تغيير جدي يهدد زعامته في المنية. 



يعبر أحد مخاتير المدينة وهو محمد إبرهيم سكاف عن الخيبة التي خلفتها خطوة الحريري بقوله: "نحن كطائفة سنية في لبنان، مع الرئيس الحريري قلباً وقالباً، ولكن نحن معه في بيروت وصيدا، ولكن نحن ضده في الشمال. نتمنى على الرئيس الحريري إعادة تياره إلى الصواب، ونحن نحبه ونريده".


ويردف: "كثيرون مع الرئيس ميقاتي لأن له خدمات على الشمال. وبالنسبة للمرشحين، فسنة الـ 2000، عرفت المنية أنها مدينة الشهيد رفيق الحريري، وصوتت بنسبة 80% لمصلحة "تيار المستقبل". لكن النهج الذي تغير، غير الأمور بطريقه".


أمين الإعلام في رابطة أساتذة التعليم الثانوي، أحمد عبد السلام الخير، رد على سكاف، وقال:

"يوم جاء الزلزال باستشهاد الرئيس رفيق الحريري، فقدت المنية بريق الأمل الذي وجدته في الرئيس الشهيد، وعند استشهاده زحفت المنية بكاملها دون استثناء، ورفدت تحركات 14 آذار، ولبت النداء عند الطلب، واتخذت مؤسساتها وجمعياتها قرارا بوضع نصبين عند مدخلها، واحد للجيش اللبناني، وثانٍ للرئيس الشهيد رفيق الحريري، ممثل الاعتدال والنمو في لبنان".


أضاف: "نعقد الآمال على الرئيس سعد الحريري، والمنية لا تزال في هذا الجو بنسبة عالية. في المنية تنوع، ونحترم خصوصيات بعضنا، والدليل وجود العدد الكبير من المرشحين موزعين على ثماني لوائح، ولكل حيثيته واحترامه، ونؤكد على ديموقراطية المعركة".


في داخل المجتمع المنياوي تنوع لا يستهان به، لكنه محترم من مختلف الأطراف، فعلاوة على القوة الكبيرة لـ "تيار المستقبل" في المدينة، هناك مؤيدون كثر للرئيس نجيب ميقاتي، ولآل كرامي، وهناك مجموعة تختلف جذرياً عن الآخرين هي مجموعة كمال الخير، الصديق لحزب الله، وقوى الثامن من آذار، وعلى مدخل دارته، صورة له مع الأمين العام للحزب حسن نصرالله. لكن ذلك لم يؤدِ إلى احتكاكات بين المكونات السياسية والاجتماعية في المدينة.


ابراهيم الغريب، رئيس بلدية المنية السابق، ومرشح سابق للانتخابات، يقول إنه يرى ضياعاً عند الناخب في هذه الدورة الانتخابية، والنتيجة غير واضحة، والمعركة مهمة، وربما أهم معركة انتخابية رغم القانون الجديد الذي يعتريه الكثير من الغموض".

 
يؤيد غريب لائحة الكرامة الوطنية (فيصل كرامي)، محتفظاً بـ "الاحترام لكل اللوائح والمرشحين الباقين"، ومردفاً: "مرشحو "الكرامة" هم قريبون من المجتمع، ويتعاملون معه بصورة دائمة ولا ينعزلون عنه. سيرتهم حسنة، وأهل المنية شعب طيب، ولكل منا هدفه، وموقفه، لكن هذا لا يمنع أن نتقبل بعضنا، ونحترم مواقف بعضنا رغم الاختلاف، والانتماء لأي لائحة. على هذا المستوى، الجو بالمنية على أفضل ما يمكن أن يكون". 



عمر شميط، أستاذ آداب، وعضو بلدية المنية، قال: قبل الـ 2005، كان طابع المنية عشائرياً، بعد ذلك دخل مفهوم الحزب، والحزب المهيمن اليوم هو "تيار المستقبل"، وليس هناك حزب آخر. وكان أكثر من 90 % من أهالي المنية مع "تيار المستقبل"، بلوغاً إلى الانقلاب الذي قام به الاستاذ كاظم الخير الذي تقبلنا انقلابه بكل محبة، وتعاونا معه بين 2010 و2018".


وقال: "الانتخابات تفرض جواً حماسياً، وأراه جميلاً وفي المنية ألفة وليس فيها من مشاكل، ونحن نحترم خيارات بعضنا، والاختلاف في الموقف لا يشكل حاجزاً بيننا أبداً. هناك ثمانية مرشحين وهذا أمر غير عادي، رغم أن المعركة الأساسية في المنية هي بين تيار العزم (كاظم الخير والمستقبل (عثمان علم الدين). في هذا الجو، نتلاقى جميعاً، ونتحاور ونتشاور، في ظل تنافس شريف وراقٍ".

 
وعما يتوخاه من الانتخابات، قال: "كتيار المستقبل، هدفنا ايصال كتلة كبيرة إلى البرلمان تتمكن من أن تثبت الأمن والأمان في لبنان في زمن المنطقة كلها مشتعلة. همنا أن نثبت الأمن والأمان في لبنان، وبعدها تنتعش الأوضاع الاقتصادية والانمائية المختلفة". 

 
الدكتور عبد الله الخير، أستاذ جامعي، مسؤول الإعلام في "المركز الوطني في الشمال" يرأسه المرشح كمال الخير، اعترض على القانون الانتخابي وما تركه من إفرازات، أدت إلى ممارسات شاذة، وإشكالات، وتحريض قاسٍ، وما يمكن وصفه بشيطنة الجو الانتخابي، في طرابلس. 

 
واستدرك بقوله: "لكن مدينتنا لم تشهد هذا الكم الهائل من التوتر، والتجاذب، وبقيت ضمن التعايش واحترام الآخر، والتنافس الديموقراطي، على ما كنا دائماً، والوضع الانتخابي، وجو المعركة في المنية مقبول، ويبعث على الارتياح". 



عضو مجلس نقابة أطباء الأسنان في طرابلس، الدكتور فضل الدهيبي، قال: "نرى أن الانتخابات، وبهذا القانون الجديد، سوف تكرس المنية مدينة الرئيس الشهيد رفيق الحريري. ونحن في المنية نخوض المعركة على أساس بناء الدولة الحقيقي، الذي أرسى نهجه الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ويستمر به الرئيس سعد الحريري".


عدنان محمود الصديق من بحنين بالمنية، رأى أن "الانتخابات هي واجب على المواطن، لأنها تحدد مصيره المستقبلي، وفيها الخدمات التي يحتاجها، وهي مفيدة. ونأمل الافادة منها، لبلدنا، ولأهالينا ولأولادنا. وبالتأكيد سأتوجه للانتخاب، وهناك من أفضله بالطبع، لكن لا أريد ذكر اسمه".


وعن ميزات الشخص الذي يفضله، قال: "أن يكون متعلماً، وفهيماً بشؤون التشريع، ويعرف معاناتنا، ويستطيع أن يوصل صوتنا، وحاجاتنا".


وعلق على القانون المحرج، قال: "القانون فوت الناس بعضها ببعضها. لكن عندنا في المنية كلنا أحباب، ونحن نتقبل بعضنا".