الغوطة الشرقيّة: إجلاء المدنيّين والمقاتلين مستمر... 28 حافلة ستقل 1835 شخصًا

تستعد دفعة جديدة من المدنيين والمقاتلين للخروج اليوم من جنوب #الغوطة_الشرقية، استكمالاً لاتفاق اجلاء ترعاه روسيا، في وقت تستمر المفاوضات حول مصير دوما، آخر معقل للفصائل في المنطقة.

وتشكل خسارة الغوطة الشرقية التي حاصرتها قوات النظام في شكل محكم منذ العام 2013 واستهدفتها بهجوم عنيف منذ 18 شباط، ضربة موجعة للفصائل المعارضة، تعدّ الاكبر منذ خسارة مدينة حلب نهاية العام 2016.

وتوصلت روسيا تباعاً مع فصيلي حركة "أحرار الشام" في مدينة حرستا، ثم "فيلق الرحمن" في جنوب الغوطة الشرقية، الى اتفاقين تم بموجبهما اجلاء آلاف المقاتلين والمدنيين الى منطقة ادلب (شمال غرب)، في عملية من شأنها أن تحكم قبضة قوات النظام على كامل الغوطة الشرقية، بعدما باتت تسيطر على اكثر من 90 بالمئة منها.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن "تجهيز 28 حافلة تقل 1835 شخصا، بينهم 421 مسلحا، من جوبر وزملكا وعربين وعين ترما في الغوطة الشرقية، تمهيدا لنقلهم إلى إدلب".

وأكد الناطق باسم "فيلق الرحمن" الذي يسيطر على هذه البلدات وائل علوان أن عملية الاجلاء متواصلة من جنوب الغوطة، بموجب الاتفاق مع الجانب الروسي.

وأضاف: "لا أعداد واضحة لدينا، المتوقع خروج 7 آلاف من الثوار والعسكريين، ومعهم أهاليهم وجزء من المدنيين. وقد يصل العدد الى نحو 30 ألفاً".

وكان التلفزيون السوري الرسمي قدّر الجمعة عدد الخارجين بـ7 آلاف شخص من المسلحين وافراد عائلاتهم.

وتعد القافلة التي تستعد اليوم للتحرك، الثالثة التي تخرج من جنوب الغوطة الشرقية، حيث تم في اليومين الماضيين اجلاء أكثر من 6400 شخص.

وتشرف روسيا مباشرة على تنفيذ عملية الاجلاء. وتتوقف الحافلات بعد خروجها من ممر عربين عند نقطة تجمع في حرستا، حيث ينتشر ضباط وعناصر روس، على ما شاهد مراسل "فرانس برس". ويستقل عنصر من الشرطة الروسية كل حافلة حتى وصولها الى مناطق سيطرة الفصائل في قلعة المضيق في ريف حماة الشمالي.

ووصلت بعد ظهر اليوم الى قلعة المضيق عشرات الحافلات التي انطلقت بعد منتصف الليل من جنوب الغوطة الشرقية، حيث كان في انتظارها عشرات المدنيين ومنظمات غير حكومية ومحلية، على ما أفاد مراسل "فرانس برس".

وقال أبو ليث الذي خرج قبل عشرة أشهر، بموجب اتفاق اجلاء من حي القابون في شمال دمشق، أثناء انتظاره وصول الحافلات: "أنتظر أهل زوجتي بعدما كانوا محاصرين في عين ترما"، مشيرا الى "اننا ننتظرهم منذ مساء أمس بفارغ الصبر. اشتقنا اليهم كثيراً".

وتعرضت الغوطة الشرقية منذ 18 شباط لحملة عسكرية عنيفة تمكنت خلالها قوات النظام من تضييق الخناق، في شكل تدريجي، على الفصائل وتقسيم مناطق سيطرتها إلى ثلاثة جيوب منفصلة، مما دفع بمقاتلي المعارضة الى القبول بالتفاوض مع روسيا.

وأدى القصف الجوي والمدفعي في الغوطة إلى مقتل أكثر من 1630 مدنياً، وفقا للمرصد السوري لحقوق الانسان.

وفي كل عملية اجلاء، يتكرر المشهد في الغوطة الشرقية، حيث لا يتمكن بعض الأهالي من حبس دموعهم وهم يهمون بالصعود الى الحافلات وسط شوارع امتلأت بالركام، وعلى جانبيها أبنية مهدمة، وأخرى تصدعت واجهاتها او طبقاتها العلوية من جراء كثافة القصف.

ويأتي اخلاء جنوب الغوطة الشرقية حيث لهيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) تواجد محدود، بعد اجلاء اكثر من 4500 شخص من مدينة حرستا بينهم 1400 مقاتل من حركة احرار الشام يومي الخميس والجمعة.

وقبل التوصل الى اتفاقات الاجلاء، تدفق عشرات آلاف المدنيين الى مناطق سيطرة قوات النظام، مع تقدمها ميدانياً داخل مناطق سيطرة الفصائل. وقدرت دمشق عدد الذين غادروا من بلدات ومدن الغوطة الشرقية، منذ نحو أسبوعين، بأكثر من 107 آلاف مدني عبر "الممرات الآمنة" التي حددتها الحكومة السورية.


وبعد انتهاء عملية الاجلاء من جنوب الغوطة الشرقية، ستصبح دوما كبرى مدن الغوطة الشرقية، المعقل الأخير للفصائل قرب دمشق، وتحديداً "جيش الاسلام" الذي يجري مفاوضات مع روسيا لم تعلن نتائجها بعد. 

ويشعر سكان المدينة بالقلق في انتظار نتائج المفاوضات. ويقول أبو أيمن (30 عاماً)، أحد سكان دوما: "أتخوف من هذه المفاوضات (...) لا أثق بأي منهم، لا روسيا، ولا النظام، ولا بهؤلاء الموجودين هنا (الفصائل). أثق بالله فقط".

ويضيف: "أمضيت حياتي هنا، وأتمنى أن أبقى... اتيحت لي فرص عدة للخروج، لكن بلدي وبيتي هنا، حيث استشهد والدي. كيف سأترك قبر والدي؟ واذا تركته، هل يمكن أن أعود يوماً".

وأعلن الناطق الرسمي باسم جيش الاسلام حمزة بيرقدار في تصريحات الأحد أن "المفاوضات الجارية هي للبقاء وليس للخروج" من المدينة، في وقت أفادت اللجنة المدنية التي تشارك في التفاوض عن اجتماع مقبل يعقد الاربعاء مع الجانب الروسي.

اليوم، نقلت صحيفة "الوطن" المقربة من السلطات، عن مصادر مطلعة على الملف، توصل الجانب الروسي مساء الأحد إلى "تفاهم أولي" بعد "مفاوضات مكثفة بين الجانبين".
وأوردت أن المفاوضات قد تفضي إلى اتفاق يقضي "بحل جيش الاسلام، وتسليم الأسلحة الثقيلة، وعودة مؤسسات الدولة إلى العمل داخل المدينة". وأشارت الى أن "جميع الأطراف سيدرسون مضمون التفاهم في مدة ثلاثة أيام".